منذ تأسيس حلف الناتو عام ألف وتسعمئة وتسعة وأربعين، قيل بأن على الحلف أن يُبقي الألمان مهزومين في الحرب العالمية الثانية، وأن يجلب الأمريكيين إلى أوروبا، وأن يُبقي السوفييت خارجها. وبعد ثلاثة أرباع القرن، فقد الحلف صلاحيته جزئياً. فقد أصبحت ألمانيا دعامة للعالم الحر، في الوقت الذي تظل الولايات المتحدة ضرورية لأمنه، وتبقى روسيا هي الخطر الأعظم مرة أخرى.
وقد تم إنشاء حلف الناتو من قبل اثني عشر دولة في أمريكا الشمالية وأوروبا، ردا على تهديدات موسكو التوسعية. واليوم، يضم الحلف اثنين وثلاثين عضواً، منهم الكثير من دول بحر البلطيق إلى البحر الأسود، ومن إستونيا إلى بلغاريا خلف الستار الحديدي السابق، حيث تم فرض الشيوعية عليهم بالقوة العسكرية السوفييتية. وخلال عامين، استعاد الناتو دوره الأمني المركزي، بعد أن أجبر غزو روسيا لأوكرانيا المجاورة الحلفاء، على رؤية موسكو مرة أخرى كتهديد كبير.
واتهمت روسيا حلف شمال الأطلسي بالعودة إلى عقلية الحرب الباردة، وادعت وزارة الخارجية الروسية، على لسان المتحدثة باسمها، أن الحلف لن يكون له مكان في “العالم متعدد الأقطاب”، الذي يقول الكرملين إنه يريد بناءه لإنهاء الهيمنة الأمريكية. وفي اجتماعهم في بروكسل، بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس منظمة حلف شمال الأطلسي، والتحضير لقمة الحلف في شهر تموز/يوليو في واشنطن، اتفق وزراء خارجية الدول الأعضاء، على القيام بدور أكبر في تنسيق المساعدات لأوكرانيا.
واقترح الأمين العام “يانس ستولتنبرغ”، تقديم مساعدات بقيمة مئة مليار يورو لمدة خمس سنوات، لدعم كييف بشكل أكثر استقراراً. وفي خطابها، رحّبت وزيرة الخارجية الرومانية “لومينيتسا أودوبيسكو” بانضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي، وهو قرار ذو طابع رمزي، بعد أن تخلت المملكة الاسكندنافية عن قرون من الحياد الصارم، بعد هجوم الروس على أوكرانيا. كما سلّطت رئيسة الدبلوماسية الرومانية، الضوء على الأهمية الاستراتيجية لمنطقة البحر الأسود من أجل الأمن الأوروبي الأطلسي، داعية إلى الحفاظ على يقظة الناتو، فيما يتعلق بالتطورات في هذه المنطقة.
كما دعت إلى زيادة المشاركة السياسية والعملية في دعم أوكرانيا، مشيرة إلى الدعم متعدد الأبعاد الذي تواصل رومانيا تقديمه للدولة المجاورة. وعشية الاجتماع الوزاري في بروكسل، اجتمع البرلمان الروماني في جلسة خاصة، للاحتفال بمرور خمسة وسبعين عاماً على إحداث الناتو، وعلى مرور عقدين من الزمن على انضمام رومانيا لأكبر تحالف سياسي عسكري في التاريخ. وبصوت معارض واحد فقط، اعتمد أعضاء البرلمان الروماني إعلاناً، يؤكد أن عضوية رومانيا في التحالف، هي ضمان لحماية المواطنين والديمقراطية والحريات الفردية.