X

حرب المعلومات تزداد تطورا وتعقيدا

بدأ عام 2024 الانتخابي وسط ظروف جيوستراتيجية متقلبة بحسب الأستاذ الجامعي يوليان كيفو خبير الأمن والعلاقات الدولية . ففي مقابلة مع راديو رومانيا عرض الأستاذ كيفو للسياق الجيوستراتيجي الحالي قائلا إن الحرب الدائرة بجوار رومانيا يجبرها على اتخاذ إجراءات وقائية لمواجهة أي تطورات غير مرغوب فيها .. وفي هذا السياق تحدث الأستاذ كيفو عن حرب المعولمات موضحا أن الحروب لم تعد مجرد مواجهة مباشرة بين الجيوش على الطريقة التقليدية بل باتت تخاض في حقل المعلومات في ظل انتشار وسائط الإعلام ومواقع التواصل الرقمية .. في مقال كتبه لصحيفة رومانية عرف الأساتذ كيفو حرب المعلومات بأنها أحد مكونات الحرب الهجينة ولكنها تمثل في الوقت نفسه أداة مستقلة تستخدم لخلق حقائق بديلة بتمويه الحقائق الموضوعية القائمة على بيانات دقيقة وأحداث واقعية وحجج منطقية وتحريفها باستخدام مزيج من المعطيات وأنصاف الحقائق بعد اختيارها وبعناية فائقة وإعادة تفسيرها ومزجها بأكاذيب واستنتاجات وتفسيرات مبالغ فيها . أما الهدف الرئيس من حرب المعلومات فهو التأثير على القرار الاتستراتيجي أو التحكم به أو على الأقل تغيير القرارات الاستراتيجية في مجال السياسة الخارجية والأمن والدفاع لإفساد أو تعطيل عمل الأدوات العسكرية للدولة عبر نشر روايات بديلة فضلا عن زرع الشكوك وطرح التفسيرات المبالغ فيها والتلاعب ونشر المعلومات المضللة وتداول الأكاذيب على نحو يكفل إضفاء المصداقية عليها .


هل الرومانيون مستعدون لمواجهة حرب المعلومات؟ الأستاذ الجامعي يوليان كيفو : “لقد حصلنا مؤخرا على تقييم لوضع حرب المعلومات. ما يجب قوله من البداية أن طرح مسألة الأخبار الكاذبة والتزوير والتشويهات والمعلومات المضللة للنقاش العام كان له تأثير إيجابي على الجمهور بحيث أن المواطن المتسوط أصبح قادرا على التصدي لمحاولات التأثير عليه بهذه الطريقة وأصبح قادرا على التشكيك في صحة ما يقال وينشر وهو يعلم جيدا أن خبرما قد يكون كاذبا أو زائفا . كما بات المواطن المتوسط ينتبه إلى مصدر المعلومات . أود التذكير مرة أخرى بأني أتحدث عن المواطن المتوسط فقط وهذا التوضيح ضروري لأن وضع الفضاء العام وخاصة منصات التواصل الاجتماعي يشير إلى حقيقتين واضحتين : أولاهما أن الأخبار الكاذبة والزائفة وأبشع أنواع التلاعب والتضليل تجد طريقها إلى جمهور بات مستعدا لتصديقها. أما الحقيقة الثانية فهي أن أي شخص حتى لو كان ذا مستوى تعليمي مرتفع يمكن أن يقع في مصيدة الأخبار كاذبة بل أكثر من ذلك يمكن أن يقوم بنشرها ظنا منه أنها صحيحة ففي مثل هذه الحالة يضفي على الأخبار الكاذبة تلك قدرا من المصداقية لمجرد أنه شخص مثقف . لماذا يحصل ذلك ؟ لأن الفضاء العام يفيض بالمعلومات بحيث بات من الصعب علينا التحقق من صحة كل خبر نقرأه .”


وأوضح الأستاذ الجامعي يوليان كيفو أن حرب المعلومات تستخدم ثلاثة أساليب عمل فالأسلوب الأول يتمثل في تعديل البيئة المحيطة بالمستهدفين بما في ذلك وسائل الإعلام والحاسوب والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي عبر نشر الدعاية وممارسة التلاعب والتضليل ببراعة . الأسلوب الثاني يتمثل في استخدام اللوبي سواء تعلق الأمر بشركة وشخصية أو العمل الدبلوماسي العام وحتى الدولة وينطوي هذا الأسلوب على استخدام المال لإقناع شخصيات تحظى بالثقة والمصداقية بالترويج لأفكار وروايات معينة وتأييدها بهدف التأثير على صناع القرار. أما الأسلوب الثالث فيتمثل في عمليات نفسية معقدة تهدف إلى إثارة القلائق والمخاوف لدى الجمهور المستهدف بمجرد اطلالعهم على المعلومات المنشورة. ويهدف هذا الأسولب أيضا إلى خلق حالة انفعال جماعي تمهيدا للحصول على استجابة معينة متحكم بها لأحداث ستقع في المستقبل .”


ما مدى تقدم حرب المعلومات؟ الأستاذ الجامعي يوليان كيفو : “لقد وصلت حرب المعلومات إلى جيلها السادس . الأجيال الثلاثة الأولى كانت تستهدف مجموعات فقط وبشكل غير مدروس في حين أن الأجيال الثلاثة التالية تستهدف أفرادا وفقا لأنماط شخصيتهم واهتماماتهم وميولهم وهذه المرة بشكل مدروس .وفيما يتعلق بالجيلين الخامس والسادس فإنهما يستهدفان المعرفة والقيم والمبادئ الأساسية. فالجيل الخامس على سبيل المثال وصل إلى حد جعل الفرد يشكك في أحاسيسه أما الجيل السادس فيحاول اختراق العقول بهدف تغيير طريقة التفكير أو توجيهها والمستهدف هنا هو الفرد وليس المجموعة . ورغم أن الجيل السادس هو مجرد نظرية في هذه اللحظقة إلا أن الرئيس الروسي بوتين طالب استخباراته مطلع عام 2022 بصنع سلاح جديد ينتمي إلى الجيل السادس فيما يرى بعض المراقبين إن هذا السلاح موجود في الواقع . لا توجد معلومات حول وجود مثل هذه الأداة لكنني أود التشديد على أن أدوات حرب المعلومات أصبحت أكثر تعقيدا وتطورا وأن قدرتنا على التمييز بين الأخبار الصحيحة والزائفة ومكافحة الأخبار الكاذبة في حال أصبحنا مستهدفين تتضاءل.”


ومع ذلك فقد أوجد العالم سبل الاستجابة لحرب المعلومات. ففي رومانيا تملك أجهزة الاستخبارات والجهات المعنية بالأمن الأدوات اللازمة لمواجهة حرب المعلومات بحسب خبير الأمن والعلاقات الدولية يوليان كيفو.

X

Headline

You can control the ways in which we improve and personalize your experience. Please choose whether you wish to allow the following:

Privacy Settings