X

أولاد رومانيا الحفاة

أظهرت بيانات المكتب الأوروبي للإحصاء لعام 2023 أن رومانيا هي بلد الاتحاد الأوروبي الذي ارتفع فيه عدد الأطفال المعرضين لخطر الفقر أو الإقصاء الاجتماعي بنسبة صفر فاصلة أربعة بالمائة بين عامي 2020 و2021 ليصل إلى معدل واحد وأربعين بالمائة تليها إسبانيا حيث تبلغ نسبة الأطفال المعرضين لخطر الفقر أو الإقصاء الاجتماعي ثلاثة وثلاثين فاصلة أربعة بالمائة .. في الجانب المقابل نجد فنلندا والدنمرك بمعدل ثلاثة عشر بالمائة وأربعة عشر بالمائة على التوالي ..وفيما يتعلق برومانيا فإن الأمور أسوأ بكثير في المناطق الريفية مقارنة بالمناطق الحضرية. ففي عام 2021 تعرض ستة عشر بالمائة من أطفال المدن الكبيرة لخطر الفقر أو الإقصاء الاجتماعي في حين أن هذا المعدل بلغ ثلاثين فاصلة سبعة بالمائة في المدن الصغيرة وضواحي المدن الكبيرة ليصل إلى خمسين بالمائة في المناطق الريفية. كما تؤكد الإحصاءات أن الاطفال الرومانيين هم الأكثر تضررا من آثار ارتفاع التخضم بين الأطفال الأوروبيين لأن الأزمة الاقتصادية التي تلت جائحة كورونا أثرت على مستويات دخل أبائهم بشكل كبير . وهنا تدخل المنظمات غير الحكومية على الخط لمساعدة أولئك الأطفال .غابرييلا ألكسندريسكو الرئيسة التنفيذية لمنظمة “أنقذوا الأطفال” وهي المنظمة التي سخرت جهودها منذ ثلاثين عاما لمساعدة أطفال العائلات الضعيفة:”أولا يجب أن نقول إن الأطفال الرومانيين للأسف معرضون لخطر الفقر والإقصاء الاجتماعي بدليل أن طفلين من بين كل خمسة أطفال في رومانيا أي ما يعادل واحدا فاصلة أربعين بالمائة منهم معرضون لهذا الخطر في حين أن المعدل الأوروبي لا يزيد عن خمسة وعشرين بالمائة أي طفل من بين كل أربعة أطفال . فالدراسة الاستقصائية التي أجريناها في صفوف العائلات الضعيفة بينت أن ارتفاع تكاليف المعيشة أثرت عليها بشكل كبير لدرجة أن الغالبية الساحقة من الأسر الضعيفة أي حوالي خمسة وتسعين بالمائة منها تواجه صعوبات كبيرة في تغطية احتياجات أطفالها الأساسية من العلاج والغذاء والملابس .ففي العام الماضي اضطر سبعون بالمائة من الأسر الضعيفة إلى التخلي عن شراء الملابس والأحذية فيما خفضت أربعة وعشرون بالمائة من الأسر نفقات الغذاء وهذا أمر خطير للغاية لأن فقر الأسرة يحول دون مواصلة أبنائها الدراسة في نظام التعليم العام . فالطفل الذي يعيش تحت خط الفقر هو طفل يعاني من سوء التغذية وسوء الحالة الصحية وتتضاءل فرص تجاوز وضعه الصعب الناجم عن ضعف البيئة التي يعيش فيها . ولذا فنعتبر الوصول إلى التعليم أمرا بالغ الأهمية إلى جانب السياسات الاجتماعية المتكاملة . فعنوان الحملة التي تجريها منظمة “أنقذوا الأطفال” هو “الفقر يقضي على التعليم ” وينبع من قناعتها بأن المسوؤلية تقع على عاتقنا نحن لنحد قدر المستطاع من آثار الفقر على الأطفال”.


حالة محزنة للغاية يمثلها الأطفال الذين هاجر أباؤهم للعمل سواء هاجر كلا الوالدين أو أحد الوالدين الذي وقد يكون الوالد الوحيد ليبقى الطفل في رعاية أجداده أو غيرهم من أفراد الأسرة الموسعة . وقد تدخلت منظمة “أنقذوا الأطفال” لمساعدة عشرات الآلاف من الأطفال المنفصلين عن أبائهم اعتبارا منها أن أوضاع أولائك الأطفال تمثل في الواقع كارثة اجتماعية صامتة لها تداعيات خطيرة على المدى البعيد بحسب الرئيسة التنفيذية للمنظمة غابرييلا ألكسندريسكو:”كما هو معروف فقد هاجر أكثر من خمسة ملايين من الرومانيين إلى غرب أوروبا للعمل سواء لفترة طويلة أو لمدة محدودة من الوقت . وتشير إحصاءات عام 2023 إلى أن أكثر من نصف مليون طفل كان أحد والديهم على الأقل قد هاجر للعمل وأن نحو مليون طفل في رومانيا تضرر جراء هجرة أحد الوالدين أو كليهما. إنه وضع خطير للغاية لأن رحيل الوالدين يمثل صدمة لمعظم أولئك الأطفال ربما هي الأشد في حياتهم على الإطلاق وتنشأ منها هشاشة نفسية تجعلهم أكثر عرضة للتسرب المدرسي والإصابة باضطرابات عاطفية وسلوكية. إنها حقيقة نلمسها في عملنا يوميا. لذا فمن الأهمية بمكان أن نعالج هذا الجانب لأن التوازن النفسي للطفل مختل بسبب رحيل والديه . فالعديد من أولئك الأطفال يعانون من القلق والاكتئاب ويشعورون بالوحدة والعزلة فضلا عن اضطرابات النوم والأكل التي تؤدي إلى زيادة الوزن . يتوجب علينا أن ننتبه إلى جميع هذه النواحي في عملها مع الأطفال الذين هاجر كلا والديهم أو أحدهما فقط لانهم معرضون أكثر من غيرهم لخطر التخلف في الدراسة والتورط في أعمال عنف ضد زملائهم والتغيب عن المدرسة وحتى التسرب المدرسي فرحيل الأباء يشكل صدمة كبيرة يستشعرها كل على طريقته الخاصة لذا فيتوجب علينا أن نكون بجانبهم دائما وأن نقدم لهم الدعم المالي والتعليمي وأهم من هذا كله أن نقدم لهم الدعم العاطفي والمساعدة على تجاوز هذه الفترة الصعبة من حياتهم.”


قامت منظمة “أنقذوا الاطفال ” بتكثيف البرامج المخصصة للأطفال الذين يعيشون في بيئات ضعيفة:”في عام 2023 أولت منظمة “أنقذوا الأطفال” أهمية كبيرة لتكثيف برامج منع التسرب المدرسي وإعادة الإدماج في نظام التعليم العام بالإضافة إلى برامج الدعم الاجتماعي والتربوي للأطفال الذين يعانون من الفقر الحاد . ففي إطار تلك البرامج عملنا مع أكثر من اثنين وأربعين ألف طفل كما قدمنا ​​خدمات مباشرة لاثني عشر ألف طفل عبر برامج مختلفة مثل “رياض الأطفال” والمدرسة الصيفية ” و”المدرسة ما بعد المدرسة” إلى جانب برنامج “الفرصة الثانية” . كما قدمنا الدعم التعليمي والاجتماعي لمواصلة الدراسة فيما استفاد عشرة آلاف طفل من تحسين الخدمات التعليمية إثر ضم مئتين وخمسين مدرسا إلى دورات تدريب مكثفة . من جانب آخر قمنا بتجهيز مدارس بالمعدات والمواد اللازمة للتدريس . وقد استفاد من تلك البرامج عشرون ألف طفل . وفي الماضي شاركت منظمة “أنقذوا الأطفال” بشكل فاعل في برماج منع التسرب المدرسي وتحسين الأداء المدرسي . وقبل عام 2023 ساعدنا حوالي مائة وخمسين ألف طفل على الذهاب إلى المدرسة مجددا وقدمنا لهم حصصا دراسية إضافية فضلا عن الدعم المادي لأسرهم من أجل تحسين أحوالها المعيشية وجعلها ملائمة للتعلم . لقد استثمرنا الكثير في مساعدة الأطفال الذين لم يذهبوا إلى المدرسة أو تركوا المدرسة على تعويض الفاقد التعليمي ثم ساعدناهم على الاندماج في النظام التعليمي مجددا ونحن مصصمون على مواصلة العمل في هذا الاتجاه قناعة منها بأنه بلا تعليم يكون مستقبل الأطفال غامضا للغاية .”

X

Headline

You can control the ways in which we improve and personalize your experience. Please choose whether you wish to allow the following:

Privacy Settings