سفر الوالدين للعمل في الخارج وبقاء الأطفال وحيدين في البلاد

 سفر الوالدين للعمل في الخارج وبقاء الأطفال وحيدين في البلاد ًتواجه رومانيا ظاهرة اجتماعية لها تأثير كبير على الأطفال وهي هجرة الوالدين أو أحدهما إلى الدول التي تمتلك اقتصاداً متطورا

تواجه رومانيا ظاهرة اجتماعية، منذ أعوام، ذاتُ تأثير كبير على الأطفال وهي هجرة الوالدين أو أحدهما إلى الدول التي تملك اقتصاداً متطوراً, من أجل معيشة أفضل, تاركين وراءهم أطفالهم عند الأقارب. إذا ما استطاع الوالدين من وجهة النظر المادية الحصول على ما يتمنون و أن يغطوا بذلك احتياجاتهم و رغباتهم, لكنهم من وجهة النظر النفسية و العاطفية, يتركون فراغاً كبيراً في نفوس صغارهم. هؤلاء يعيشون مأساة حقيقية, لأن غياب الوالدين لا يعوضه أحد في هذه الدنيا و لا أي شيء مَهْما كان غالياً. فهم يشعرون بالعزلة و الوحدة و يواجهون صعوبات عاطفية و اجتماعية و تربوية. يقول الأخصائيون النفسيون إن اشتياق الأطفال لوالدَيْهم يتجلى من خلال الكآبة و الانعزال و انخفاض الثقة بالنفس, و الشعور بالذنب و عدم التقدير الذاتي .

أكثرَ من هذا, يعاني الأطفال الذين هاجر والديهم من انخفاض الدوافع نحو المدرسة و نحو الحياة. و نجد لدى بعضهم توجها إلى الانتحار, لأن أحداً لا يتفهم معاناتهم.

تجاوزت الحالة الواقعية الأرقامَ الواردةَ في تقاريرِ السلطات, فلقد أعلنت السلطة الوطنية لحماية حقوق الطفل و التبني في أحدث تقاريرها عن أربعة و تسعين ألفا و ستمائة و اثنان و ستين طفلاً, عشرون ألفا و خمس مئة و ستين طفلا من بينهم غادر البلاد الوالدان الاثنان معاً , و اثني عشر ألفاً و ثماني مئة و سبعة و ثلاثين طفلا , غادر المعيل الوحيد لهم, ليبقوا وحيدين في رعاية أحد أقربائهم .

من جهة أخرى, تشير بعض الدراسات إلى وجود ثلاث مئة و خمسين ألف طفل في هذه الحالة, هذا يعني عشرة بالمئة من إجمالي أطفال رومانيا .

بيتروتسا سواري, تعتني منذ سنتين بحفيدة لها تبلغ التاسعة من العمر, غادر ولداها إلى انكلترة, و هم يعودون إلى رومانيا مرتين في السنة. الفتاة سعيدة جدا بالهدايا التي تحصل عليها, و لا تشعر كثيرا بغيابهما فتقول: " لا تشعر الصغيرة بالاشتياق لوالدَيْها, لأنها تتحدث معهما كل مساء. و تساعدنا كثيراً منظمة " أنقذوا الأطفال " , هناك يتفاعل الأطفال معاً و يلتقون في مجموعات, يُحَضِّرون دروسَهم و يُنجزون وظائفهم المدرسية معاً, و يقومون بأنشطة عديدة و مختلفة, و يقومون برحلات إلى مناطق من رومانيا للتنزه و الراحة معاً. الطفلة ممتنة من كل هذا, لأن جميع رغباتها و شهواتها محققة, فوالداها يشترون لها كل ما تحتاجه و تحبه, و هي بدورها تُسعدُهم بالدراسة و التعلم و النتائج الجيدة في المدرسة. و أنا سعيدة من أجلها فهي تدرس جيداً و تحب كثيراً جميع الأنشطة التي تقوم بها مع الأطفال الآخرين في إطار منظمة " أنقذوا الأطفال " .

إلينا سافرت إلى إسبانيا منذ عشر سنوات تاركة طفليها عند أحد أقاربها, و هما تلميذين في المدرسة الابتدائية. و بالرغم من أنها كان تقضي معهما شهرين أو ثلاثة أشهر في السنة, لكنهما لم يستطيعا التأقلم مع الوضع, و كانت معاناتهما كبيرة. تقول إلينا:  " كان صعباً علي كثيرا تركَ طفلَيَّ الصغيرين وحيدين, و هأنذا بعد عشر سنوات, أُدرك أنه لم يكن اختياراً جيداً, لقد كَبُرَ الأطفال, و ضَيَّعْتُ أنا أحلى السنوات من حياتي بعيدا عنهما, بالرغم من أنني كنت أقضي معهما شهرين أو ثلاثة أشهر في السنة , لكن هذا لم يكن كافياً كي أتمكن من تربيتهما و تعليمهما كما يجب . فهما الآن لا يستمعان لكلامي, لقد تأخر الوقت ... " .

اتساع نطاق ظاهرة الأطفال الذين يغادر والداهم البلاد للعمل في الخارج, أدى إلى تتطور شبكات للخدمات مخصصةٍ لهؤلاء الأطفال. أوجدت منظمة " أنقذوا الأطفال " مثل هذه الخدمات الموجهة ليس فقط للأطفال و إنما لآبائهم و للأشخاص الذين يعتنون بهم في غياب هؤلاء الأخيرين.

أنكا ستامين منسقة برامج في منظمة " أنقذوا الأطفال " تقول: " بدأت منظمة " أنقذوا الأطفال " منذ العام 2010 , بتقديم خدمات لدعم الأطفال الذين سافر والديهم للعمل في الخارج, و للأشخاص الذين يعتنون بهم في غياب هؤلاء الأخيرين, من خلال فتح برامجَ من نوع " مدرسة بعد المدرسة " في إطار الوحدات المدرسية. الحديث هنا عن سبعةَ عشر برنامجاً محلياً من هذا النوع, يحضر إليها الأطفال بعد الانتهاء من البرنامج المدرسي أو قبله , ينجزون وظائفهم و يشاركون في نشاطات في الهواء الطلق, كما تتم مساعدتهم في الاتصال بوالديهم في الخارج عن طريق التقنيات الحديثة للاتصالات باستخدام شبكات الانترنت. كما أنهم يستفيدون من المشورة النفسية التي تساعدهم على تجاوز الحالة الصعبة التي يمرون فيها. في الوقت نفسه, يستفيد الأشخاص الذين يعتنون بهم بدورهم من المشورة التي يقدمها لهم الأخصائيون النفسيون, و التي تساعدهم على فهم احتياجات الأطفال في هذه الفترة, و كي يتمكنوا من التواصل معهم بشكل أفضل .

في الحالة التي يكون فيها الشخص الذي يعتني بالطفل في غياب والدَيْه قريباً له, يستفيد من الاستشارات الضرورية من أجل إنجاز إجراءات التفويض المؤقت للسلطة الأبوية, اللازمة في حالة غياب أحد الأبوين أو كليهما ".

أطلقت منظمة " أنقذوا الأطفال " منذ العام 2015 , أول خدمة استشارية تلفونية أو على الهواء –أون لاين – من أجل الأطفال المعرضين لآثار الهجرة الاقتصادية .

أنكا ستامين من جديد تقول : " نتحدث عن خدمة مجانية , على الرقم 0800070040 , من أجل رومانيا. الذي بالإمكان الاتصال به من يوم الاثنين و حتى الجمعة للحصول معلومات و استشارات قانونية, و إدارية و نفسية و اجتماعية .

أما من أجل المتواجدين خارج رومانيا فبإمكانهم الاتصال على الرقم 0314053072 , من أجل رومانيا.

لدينا أيضاً قاعدة على الانترنت, تقدم أخباراً مهمة و مواضيع مثيرة حول هذا الموضوع, و خبراء يعملون في إطار المنظمة, يجيبون على أسئلة جميع الراغبين في ذلك" .

على المستوى الأوربي يوجد أكثر من مليون و نصف طفل , سافر والديهم للعمل في الخارج, هذا الأمر يجعل المؤسسات الأوربية تبحث عن حلول ناجعة لهذه المشكلة.

البرلماني الأوربي الروماني فيكتور نيغريسكو, يريد البدء ببرنامج وطني بأموال أوربية, سيعرضه على البرلمان الروماني. ستتم من خلاله مساعدة الرومانيين العاملين في الخارج من أجل العودة إلى رومانيا للعمل فيها . سيتم إيجاد آليات لمعادلة الشهادات و شهادات التأهيل المهني, و الخبرات المهنية إلى جانب مساعدتهم على دمج أطفالهم الذين تعلموا في الخارج مع الأطفال هنا, و مساعدتِهم على التأقلم مع النظام التربوي في رومانيا .

 


www.rri.ro
Publicat: 2017-02-01 19:45:00
Vizualizari: 1533
TiparesteTipareste