دوينا كورنا - اختفاء رمز

 دوينا كورنا - اختفاء رمز مرور نصف عام فقط على رحيل الملك/ ميهاي الأول، آخر عاهل روماني، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فقد الرومانيون شخصية أخرى، من بين النخبة القليلة المتبقية التي تمثل المعايير الأخلاقية.

فارقت الحياة عن عمر يناهز 89 عاما، بعدما هزمها مرض فتاك، أستاذة جامعية وكاتبة ومترجمة، ومدافعة عن الديمقراطية، دوينا كورنا، التي كانت واحدة من أكثر الشخصيات المدنية تقديراً واحتراماً، التي عارضت الديكتاتورية الشيوعية. ولد دوينا كورنا في 30 مايو/ أيار 1929، في مدينة براشوف (وسط البلاد)، في عائلة من مسيحية تعتنق مذهب اليونان أو الروم - الكاثوليك. وحظيت بتربية مفعمة بروح القيم الأخلاقية والدينية والمقاومة  للسيطرة المجرية على جزء من ترانسيلفانيا خلال الحرب العالمية الثانية،  ولاحقاً للسلطة الشيوعية، بعد الحرب العالمية الثانية، التي نصبها الاحتلال السوفياتي.

أستاذة في قسم اللغة الفرنسية في جامعة "بابيش- بويوي" في مدينة كلوج- نابوكا (شمال غرب البلاد)، أصبحت دوينا كورنا شهيرة بسبب انتقاداتها العلنية ضد النظام الشيوعي بقيادة نيكولايه تشاوشيسكو. رسائلها المفتوحة، التي كانت تُذبل سخافة وفظاعة الديكتاتورية، نشرت وبُثت ابتداءً من عام 1982، في المحطات الإذاعية الغربية، وغذت  آمال الرومانيين، وأثارت غضب المسؤولين الشيوعيين. بالتعاون مع ابنها ، ليونتين يوهاس، وزعت عام 1987 نشرات لبيان تضامني مع العمال المتمردين في براشوف، مما أسفر، آنذاك، عن اعتقالهما. دوينا كورنا طردت من الجامعة، وخضعت للتحقيق بوحشية، ثم وضعت تحت الاقامة الجبرية، وتعرضت للضرب على أيدي عملاء الشرطة السياسية الشيوعية السرية، المعروفة باسم "سيكوريتاتيه".

وفي ثورة ديسمبر/ كانون الأول 1989، خرج سكان مدينة كلوج- نابوكا إلى الشوارع، وعبروا عن امتنانهم لها، مرددين اسمها، مما دفع أفراد الشرطة السياسية الشيوعية السرية الذين كانوا يشرفون على مراقبة منزلها بلا توقف إلى الهرب. دوينا كورنا، في تسجيل  من أرشيف الإذاعة الرومانية العامة:

"لا أعرف ما إذا كان الأمر متعلقاً بي في 21 ديسمبر/ كانون الأول. ولكن قد تكون متعلقة بي حالة ذهنية في البلاد. لقد انضممت، وفعلت ما فعله آخرون. في البداية خرج ابني وذهب هناك، حيث أطلقت النار، وبجانبه سقط أحدهم، وعاد إلى البيت، وقال لي: مجزرة، مجزرة! كلمتان فقط، لقد كان هكذا، بدا مُشوهاً. وكنت أنا أيضاً خائفة عندما خرجت. أقول لكم بصراحة".

 مستمالة من قبل هياكل السلطة الجديدة، جبهة الإنقاذ الوطني، التي كانت بمثابة مزيج سام، على الأرجح، مكون من ثوار حقيقيين، وشيوعيين من الدرجة الثانية، دوينا كورنا، ابتعدت بسرعة كبيرة جداً، عن  الأسلوب الذي كان هؤلاء يديرون به البلاد، وأصبحت منتقدة حادة بنفس القدر، للرئيس اليساري الجديد، والوزير السابق في حقبة تشاوشيسكو/ يون إيليسكو. وكانت من بين مؤسسي المنتدى الديمقراطي المناهض للشمولية في رومانيا، ومجموعة الحوار الاجتماعي، والتحالف المدني، مؤسسة الذاكرة الثقافية – التي كانت جميعها تروج في تسعينيات القرن الماضي لحكم ديمقراطي في رومانيا، ولتكاملها الأوروبي والأوروبي- الأطلسي. كانت مقربة جدا من الزعيم المسيحي- الديمقراطي الراحل/ كورنيليو كوبوسو، الذي مثل هو نفسه أيضاً رمزا منقطع النظير من المقاومة المناهضة للشيوعية، بعد أن نجا دون أي تنازل عن مبادئه، من اعتقال سياسي دام لمدة سبع عشرة سنة. كما أن البابا/ يوحنا بولس الثاني، كان قد كرمها بمنحها وسام  صليب "القديس غريغوريوس العظيم"، أما من الملك ميهاي الأول، فقد تقلت صليب "البيت الملكي الروماني". كما تلقت أيضاً  وسام "نجمة رومانيا" وحصلت على وسام "فيلق الشرف" من فرنسا.

 


www.rri.ro
Publicat: 2018-05-04 22:15:00
Vizualizari: 234
TiparesteTipareste