رومانيا – الاستهلاك مقابل الدخل
يفيد تقرير صادر عن البنك المركزي الوطني الروماني أن استهلاك السكان يتجاوز دخلهم.
Bashar Kishawi (بشار القيشاوي), 12.12.2025, 19:37
لمدة أكثر من عقد من الزمان، اعتمد الرومانيون على الاستهلاك كمحرك رئيسي للاقتصاد. لم تكن قليلة الانتقادات التي وُجهت للمسؤولين الذين تقاعسوا وقبلوا مثل هذا الوضع، بدلاً من تشجيع الصادرات والاستثمارات على سبيل المثال. إلا أن بيانات المعهد الوطني للإحصاء لشهر أكتوبر/ تشرين الأول من هذا العام تشير إلى تغير كبير: تجارة التجزئة دخلت في تراجع، سواء مقارنة بالشهر السابق أو بالعام الماضي. ويُعد هذا أول تأكيد إحصائي على أن “نجم” النمو الاقتصادي – الاستهلاك – قد فقد زخمه، لا سيما مع دخول إجراءات التقشف الصارمة حيز التنفيذ، في صيف هذا العام، بهدف تقليص العجز الهائل في ميزانية الدولة. وبحسب المعهد الوطني للإحصاء، انخفض حجم مبيعات التجزئة (باستثناء السيارات والدراجات النارية) في شهر أكتوبر/ تشرين الأول بنسبة 1.1% مقارنةً بشهر سبتمبر/ أيلول، وبنسبة 4% مقارنةً بشهر أكتوبر/ تشرين الأول 2024. الانخفاض شمل قطاعات واسعة: المواد الغذائية، والسلع غير الغذائية، والوقود… ويعزو المختصون ذلك إلى تقليص الرومانيين لمشترياتهم الأساسية، إما بتأجيلها، أو بتغيير سلة مشترياتهم، أو بالتركيز على أسعار أقل ومنتجات أرخص. صحيفة “هوت نيوز” الإلكترونية تشير إلى أن المستهلكين الرومانيين لطالما كانوا “الأبطال المجهولين” للاقتصاد. والآن، يحتاج هؤلاء “الأبطال” إلى فترة راحة، وفي غياب انتعاش قوي من قطاع الصناعة أو الخدمات عالية القيمة المضافة، سيبقى الاقتصاد عرضةً للتأثر.
البنك المركزي الوطني الروماني يؤكد ما ذكره الإحصائيون. في تقرير حول الاستقرار نُشر، يوم الثلاثاء، يؤكد البنك المركزي الوطني الروماني أن استهلاك الرومانيين، في الوقت الحالي، يتجاوز دخلهم، ويُموّل الفائض إما من مدخرات متراكمة سابقًا، أو عبر الائتمان، كنتيجةً للإجراءات المالية المتخذة، فضلًا عن ارتفاع معدل التضخم وكذلك النمو المتواضع للنشاط الاقتصادي. ولكن لا يقتصر الأمر فقط على الأفراد الذين يستهلكون أكثر مما يكسبون، بل يشمل الدولة أيضًا. فوفقاً للمعهد الوطني للإحصاء، واصل العجز التجاري لرومانيا النمو هذا العام ليصل إلى ما يقارب ثمانية وعشرين مليار يورو، أي بزيادة قدرها مائتين وستة وسبعين مليون يورو تقريبًا عن العام الماضي.
الصادرات نمت بنسبة 4.3%، بينما نمت الواردات بنسبة 3.4% مقارنةً بالعام الماضي. المحللون يؤكدون من جهة، أن العديد من الواردات، تُستخدم للإنتاج أو لتغذية الصادرات الرومانية، ولكن من جهة أخرى، توجد قطاعات تُسجل فيها رومانيا عجزًا مزمنًا، مثل: قطاع المنتجات الكيميائية، أو الصناعات الغذائية، حيث يجب اتخاذ تدابير بحيث يغطي الإنتاج المحلي جزءاً أكبر من الاستهلاك.