معاشات القضاة والمدعين مصدر توترات في الائتلاف الحاكم
المشهد السياسي في بوخارست يشتعل مجدداً بسبب معاشات تقاعد القضاة والمدعين
Bashar Kishawi (بشار القيشاوي), 23.10.2025, 19:39
يفترض المعلقون السياسيون الأجانب، أن يكون الائتلاف الحكومي في بوخارست، المكون من أربعة أحزاب، والموالي صراحة للغرب، فعّالاً. فهو لا يجمع سوى تشكيلات تنتمي إلى ما تُسمى بالتيارات السياسية الوسطية في القارة، التي تُهيمن على البرلمان الأوروبي، وتُزوّد السلطة التنفيذية للكتلة الأوروبية بكوادرها، وهي: الحزب الاشتراكي الديمقراطي (PSD) ينتمي إلى الاشتراكيين، والحزب الوطني الليبرالي (PNL) والاتحاد الديمقراطي للمجريين في رومانيا (UDMR) يتميان إلى الشعبيين، أما اتحاد أنقذوا رومانيا (USR) فينتمي إلى الليبراليين المنادين بتجديد أوروبا. بالنسبة للمعلقين السياسيين المحليين يدور الحديث بالأحرى عن ائتلاف غير طبيعي. حيث لطالما كان الحزبان الرئيسيان فيه، على فترات مُتقطعة، عدوين لدودين، منذ فجر الديمقراطية الرومانية في حقبة ما بعد الشيوعية. أما اتحاد أنقذوا رومانيا (USR) فطالما عارض بشدة سياسات الاشتراكيين- الديمقراطيين والليبراليين. الاتحاد الديمقراطي للمجريين في رومانيا (UDMR) تحالف أحيانًا مع اليمين، وأحيانًا أخرى مع اليسار، لمجرد أن يكون مستفيداً ولو جزئياً من منافع الحكم. ومع ذلك، اندلعت جدلات حادة، في الائتلاف، بعد أن قبلت المحكمة الدستورية الشكوى المقدمة من المحكمة العليا للنقض والعدل، بشأن قانون المعاشات التقاعدية للقضاة والمدعين، الذي تحملت الحكومة مسؤوليتها عنه في البرلمان، وقررت أن الوثيقة التشريعية غير دستورية.
وفقًا لأعضاء المحكمة العليا، القانون ينتهك 37 قرارًا مُلزمًا للمحكمة الدستورية، والعديد من المبادئ الأساسية لسيادة القانون. رئيس الوزراء، الليبرالي/ إيليه بولوجان، كان قد اشتكى من القضاة والمدعين الرومانيين يتقاعدون في سن 48-49 عامًا، وأن متوسط المعاش التقاعدي في سلك القضاء يتجاوز 24000 ليو (أي ما يعادل حوالي 4800 يورو). وتصل العديد من المعاشات التقاعدية إلى 35000-40000 ليو، وخاصة للقضاة والمدعين الذين شغلوا أيضًا مناصب إدارية. ويُنظر إلى هذه الحقيقة على أنها فضيحة في مجتمع، يعادل فيه متوسط المعاش التقاعدي حوالي 500 يورو، وهو مبلغ يجبر المواطن العادي على العمل لمدة 35-40 عامًا.
“عبر الإصلاح الذي نقترحه، ستكون هناك فترة انتقالية مدتها 10 سنوات، تنتهي بتقاعد القضاة والمدعين عند سن 65 عامًا، وهو سن التقاعد القياسي في رومانيا”– يقول رئيس الوزراء، الذي أعلن عن تقليص سقف معاشات القضاة والمدعين من 100% إلى 70% من صافي دخل الشهر الأخير، أي ما بين أربعة عشر ألفاً وخمسة عشر ألف ليو.
بعد قرار المحكمة الدستورية الرومانية، عبرت جميع الأحزاب الحاكمة عن استيائها. زعيما اتحاد أنقذوا رومانيا (USR)/ دومينيك فريتز، الاتحاد الديمقراطي للمجريين في رومانيا (UDMR)/ كليمن هونور، اقترحا، على استحياء، تنظيم استفتاء لإلغاء المعاشات التقاعدية الخاصة. أما بين الاشتراكيين- الديمقراطيين والليبراليين، فقد بدأ اللوم المتبادل يتدفق مجدداً. الحزب الاشتراكي الديمقراطي (PSD) أعلن أنه سيُعدّ بمفرده، مشروع قانون آخر، توافق عليه المحكمة، أما زعيمه المؤقت/ سورين غرينديانو، فيقول إن إيليه بولوجان يُمكنه العودة إلى منزله. “من النفاق أن يُعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي مسؤوليته عن إصلاح يُقوّضه أتباعه”– ردّت الليبرالية/ رالوكا توركان، مُشيرةً إلى وزير العدل/ رادو مارينيسكو، المدعوم من الاشتراكيين- الديمقراطيين. ومن الأقاليم، تُرسل فروع الحزبين في المحافظات بياناتٍ لاذعة مودجهة إلى الشركاء في الحكم. وبسخريةٍ مُماثلة، كتبت الصحافة أن التوترات ستزداد بلا شك عندما يتنافس الحزبان الحاكمان مُجددًا في 7 ديسمبر/ كانون الأول على منصب رئيس بلدية بوخارست، الذي شُغر بعد تولي عمدة العاصمة السابق/ نيكوشور دان، رئاسة الدولة.