عن ضرورة إقرار استراتيجية واضحة لدمج المهاجرين
Diana Baetelu, 12.11.2025, 15:30
خباأخبا كثرت في الفترة الأخيرة حوادث العنف ضد العمال الأجانب. في غضون ذلك نبهت المنظمات المعنية إلى ضرورة وضع استراترجية واضحة للحد من المشاكل التي يواجهها العمال الأجانب في رومانيا فيما لم يجد وضع المهاجرين الذين يصبحون مقيمين غير نظاميين بدون ذنب طريقه إلى الحل.
في شهر يوليو تموز الماضي طرحت بلدية بوخارست للنقاش العام مسودة استراتيجية لدمج المهاجرين المقيمين في العاصمة تضمنت تدابيرملموسة لدمجهم في المجتمع بشكل تدريجي ومساعدتهم على التكامل عبر توفير فرص العمل لهم ودورات اللغة الرومانية المجانية وتسهيل وصولهم إلى نظام التعليم بالإضافة إلى تدابير لمكافحة التمييز وتشجيع المهاجرين على المشاركة المدنية. إلا أن البلدية سحبت المسودة بشكل مؤقت في ظل انتشار خطاب الكراهية للعمال الأجانب في حسابات مجموعات معينة على منصات التواصل الاجتماعي وخاصة في حسابات أفراد ذوي اتجاهات فاشية على تلغرام.
الباحث والنقابي رادو ستوكيتسا تحدث عن الآثار السلبية على المدى البعيد لعدم دمج الأجانب: ” يتعين علينا أن نعمل على دمج المهاجرين الراغبين في البقاء في رومانيا ليس بتحويلهم إلى رومانيين بل بإطلاعهم على القوانين والمؤسسات الرومانية بما فيها مؤسسات النظامين التعليمي والصحي وتعريفهم بنمط الحياة المحلي. أنها تدابير تحول دون تحويل مجتعمات المهاجرين إلى مجمتعات معزولة منغلقة على غرار الغيتوات وهو ما قد يحصل بالفعل ليس مع الجيل الأول من المهاجرين لأن الجيل الأول يحتاج إلى التواصل مع المجتمع المحلي أثناء الذهاب إلى العمل أو السوق أو أي مكان أخر ولكن سيحصل حتما مع الجيلين الثاتي والثالث اللذين سيكونان أقل حاجة إلى التفاعل مع المجتمع الروماني وأكثر عرضة بالتالي للعزلة الاجتماعية . فإذا أخفقنا في دمجهم سنواجه ظاهرة المجتمعات المنغلقة على غرار الغيتوات وسيكون من الصعب على السلطات المعنية الدخول إليها وتقديم الخدمات اللازمة لسكانها عند الحاجة. لست من بين الذين يعتقدون أن العيش في مجتمع منغلق يتسبب في تشدد هولاء أو تحويلهم إلى أصوليين بين ليلة وضحاها. ولكن من غير المرغوب فيه وخاصة في عصر المجتمعات المفتوحة ظهور مجتمعات منغلقة معزولة .”
أشار الخبير إلى المبررات الاقتصادية لدمج المهاجرين ومن بينها الصعوبات التي ستواجهها الحكومات في دفع المعاشات التقاعدية في السنوات القادمة. ذلك أنه بعد عام 1989 انخفض عدد الولادات بشكل كبير لدرجة أن الأشخاص الناشطين لم يعودوا يعوضون عن الأشخاص الذين يحالون إلى التقاعد وخاصة من ولدوا بعد خظر الدكتاتور الشيوعي نيكولاي تشاوشيسكو الإجهاض عام 1966 بهدف تحقيق نمو سكاني متسارع :
“هناك أيضا مبرر آخر هو المبرر الثقافي. الثقافة ليست منظومة ثابتة والثقافة الرومانية ليست كتلة حجرية صلبة بل هي ظاهرة مرنة يؤثر فيها كل منها على الدوام . فكل ثقافة تتفاعل مع الثقافات الأخرى ومع وسائط الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية وتتكيف وتتغير باستمرار مع مرور الوقت. وهذا ينسحب أيضا على تفاعلاتنا مع المهاجرين لأنهم يؤثرون أيضا في الثقافة الرومانية بلا شك وهذا هو المجرى الطبيعي للأمور. ربما سنأخذ منهم جوانب معينة من ثقافتهم ربما كلمتين أو ثلاثا أو من يدري ربما سنأخذ منهم طبقا معينا وثم سنكيف كل هذا مع متطلباتنا المحلية أو ربما سيتقصر الأمر على الاحترام المتبادل أوالتعايش بدون تفاعل . لكنني مقتنع بالمكاسب الثقافية المتبادلة المفيدة لنا ولهم على السواء .”
غياب استراتيجية متماسكة لدمج المهاجرين يصعب وصول هؤلاء إلى الخدمات الصحية. فرغم أن العمال الأجانب يساهمون بالتساوي مع الرومانيين في ميزانية الدولة بدفعهم كافة أنواع الرسوم والضرائب بما فيها التأمينات الاجتماعية والصحية والمساهمات في صناديق المعاشات التقاعدية إلا أن قلة قليلة منهم تستفيد من خدمات الرعاية الصحية: “إذا كانوا بحاجة إلى الرعاية الصحية لا يذهبون إلى عيادة طبيب الأسرة أو الاطباء المتخصصين. وإذا تردت حالتهم الصحية يتجهون إلى مستشفى الطوارئ . إنهم يتهربون من النظام الصحي وليست لديهم اتصالات بأطباء الأسرة أو أطباء العيادات المتخصصة. ولكن إذا أصيبوا بمرض خطير نتيجة عدم تلقيهم العلاج الأولي عند طبيب الأسرة وثم في نظام الرعاية الصحية الخارجية فإن تكاليف علاجهم ستكون أعلى على الدولة. فالمشكلة تكمن في عدم إطلاع المهاجرين على نظام الرعاية الحصية وسبل الحصول على الخدمات الطبية .”