مهرجان “وان وورلد رومانيا” للأفلام الوثائقية الحقوقية
يدعو مهرجان "وان وورلد رومانيا" للأفلام الوثائقية الحقوقية إلى الحوار والتفاهم. إنه المهرجان الوحيد من نوعه في رومانيا الذي يستضيف مناقشات متعمقة حول قضايا اجتماعية
Diana Baetelu, 16.04.2025, 15:30
في مجتمع تزيد فيه حالة الاستقطاب حدة وعمقا مدعومة من الخوارزميات التي تشجع وتغذي حالة الانقسام بين فقاعات أيديولوجية متوازية لا تتقاطع يدعو مهرجان “وان وورلد رومانيا” للأفلام الوثائقية الحقوقية إلى الحوار والتفاهم. إنه المهرجان الوحيد من نوعه في رومانيا الذي يستضيف مناقشات متعمقة حول قضايا اجتماعية شتى من عدم المساواة الاجتماعية إلى الهجرة إلى التيارات السياسية المتطرفة. فعلى مدار عشرة أيام عرض في المهرجان أكثر من خمسين فيلما وثائقيا سواء في قاعة متحف الفلاح في بوخارست أو في دور السينما في العاصمة أعقبتها مناقشات مع سينمائيين ومنصات إعلامية ومنظمات غير حكومية وناشطين مدنيين.
تناول المهرجان موضوع الفاشية بتعمق في فعاليات نسخته لهذا العام باعتباره أحد أكثر المواضيع إثارة للاهتمام في الوقت الراهن ربما لأن المفردات المرتبطة بعضوية حركة الحرس الحديدي اليمينية المتطرفة التي نشطت في رومانيا في الفترة ما بين الحربين العالميتين كانت من بين أكثر الكلمات بحثا على الموقع الإلكتروني لقاموس اللغة الرومانية المعاصرة في الشتاء الماضي. وقد عرضت في المهرجان مقاطع فيديو من الأفلام الإخبارية العائدة إلى الفترة ما بين عامي 1940 و1950 حول مراسم عناصر الحرس الحديدي والمجازر التي ارتكبتها في القرن الماضي ثم دعي الجمهور للتعليق عليها في حوار مع المؤرخين أدريان شيوفلينكا وفلورين مولر. وبذلك سعى المهرجان إلى تسليط الضوء على آثار صعود تلك الحركة السياسية العنيفة في المشهد السياسي ودور الدعاية السينمائية في تلك الفترة .
موضوع آخر لافت للمناقشات التي استضافها مهرجان الأفلام الوثائقية الحقوقية هو الظاهرة المعروفة اختصارا بسلاب والمتمثلة في العمليات الاستراتيجية الهادفة إلى كبح المشاركة العامة وتخويف الإعلاميين والناشطين الحقوقيين وتكتيم أفواههم والتهديدات للديمقراطية وحرية التعبير وهي ممارسات ليست غريبة على رومانيا .فقد صعد إلى خشبة المهرجان صحفيون وناشطون مدنيون تحدثوا عن تجاربهم الشخصية مع هذه الظاهرة.
أندريا لاكاتوش مديرة المهرجات حدثتنا عن شعار نسخة عام 2025 موضحة أنه تبادر إلى أذهان القائمين على المهرجان بعد إلغاء الانتخابات الرئاسية في رومانيا في ديسمبر كانون الأول الماضي بسبب التدخلات الخارجية في العملية الانتخابية والتلاعب في الخوارزميات لدعم أحد المرشحين :”شعار نسخة عام 2025 هو “إسمعني” وهو شعار مختلف عن الذي كنا قد اخترناه في الخريف وتخلينا عنه بسبب ما حصل في الانتخابات الرئاسية الشتاء الماضي رغبة منا في أن نبقى في قلب الأحداث من حولنا. فالانقسام الذي شهدناه بعد الانتخابات الرئاسية تلك وأجواء التوتر والذعر التي عمت البلاد هي التي أوحت لنا بشعار النسخة الحالية. وقد أردكنا آنذاك كم كان من الصعب أن تنواصل مع بعضنا البعض ونسمع بعضنا البعض ونفهم بعضنا البعض وقررنا طرح هذا السؤال على الجميع : كيف تحتملون الشعور بأن أحدا لا يمسعكم ولايراكم ولا يصغي إليكم ؟”
فيما يتعلق بالتحديات التي يواجهها فريق المهرجان ذكرت أندريا لاكاتوش بأن الفيلم الوثائقي الحقوقي لا يمكن استغلاله تجاريا ولذلك فمن الصعب التعاون مع الشركات التي يفترض أنها القادرة على دعم المهرجان. صعب أيضا هو التعاون مع صناع القرار لأن قلقة قليلة منهم فقط يفهمون هذا النوع السينمائي وقدرته على إحداث التغيير في المجتمع بحسب مديرة المهرجان .وتعتقد أندريا لاكاتوش اعتمادا على خبرة عشر سنوات في المجالات الثقافية والمدنية أن فرص الالتقاء والحوار بين الأشخاص المهتمين بالقضايا الحقوقية غير كافية :”من وجهة نظري واعتمادا على خبرتي الطويلة في العمل المجتمعي وزياراتي لأماكن لا يمكن لسكانها الوصول إلى الثقافة أدركت أن الأشخاص المهتمين بالقضايا الحقوقية والمدافعين عن قيم الاحترام والكرامة الإنسانية – لا تتوفر لديهم سياقات مناسبة كافية للالتقاء و الحوار ولا يحظون بالاهتمام والدعم بما فيه الكفاية .
لذا فإن هولاء الأشخاص بما فيهم الناشطون والفنانون المهتمون بهذه القضايا هم في الواقع الجمهور الذي نستهدفه في المقام الأول ولكن بالإضافة إليهم نصل أيضا إلى جماهير جديدة ممن يتيح لنا المهجران الوصول إليهم وأقصد على وجه خاص جمهور دور السينما بما فيه الجمهور المحافظ أو المختلف عن جمهورنا التقليدي إن صح التعبير. أما الوصول إلى الفقاعات والأماكن الأخرى فيتوقف على تعاوننا مع الجامعات والمدارس في حين أن وصولنا إلى الناس العاديين يسهله المكان الذي نقيم فيه فعاليات المهرجان كالمكان الذي نحن فيه الآن وهو السوق الشعبية القمامة في فناء متحف الفلاح “.
أصبحت “أيام طلاب المدارس الثانوية ” اعتبارا من العام الماضي أحد الفعاليات الهامة للمهرجان . وفي دورة العام الماضي شارك أكثر من ألف من طلاب المدارس الثانوية في إحدى عشرة ورشة عمل مجانية وحضروا ستة عروض سينمائية وحفلة موسيقية . ولكن ربما إحدى أهم الفعاليات هي اللقاءات بين طلاب المدارس الثانوية والمسنين والتي تنظم بالتعاون مع مراكز الرعاية النهارية في بوخارست.