المؤسسات الاجتماعية في الأوساط الريفية
إن جمعَ الكلمَتَيْن اقتصاد اجتماعي يبدو، في الوهلة الأولى، متناقِضا. الاقتصاد، كما يعرفه معظمُنا، مُتوجِهٌ إلى الرِبح والاستهلاك. البُعْدُ الاجتماعي، بِقَدْرِ مَا كان هناك، ليس واضحا على الفور.
România Internațional, 01.04.2014, 14:03
ومع ذلك، الاقتصاد الاجتماعي ينشط في الاتحاد الأوروبي وليس فقط. أكثرَ من ذلك، يُعَدُ دِعامةً مُهِمةً للاقتصاد الأوروبي، إذ يمثل نحو عشرةٍ في المائة مِنَ الناتج المحلي الإجمالي. ما يزيد على أحدَ عشر مليونَ عامِل، أي أربعةٌ فاصلة خمسةٍ في المائة مِنَ المواطنين النشيطين اقتصاديا، لهم مكانُ عَمَلِ في الاقتصاد الاجتماعي. كما هناك قرارٌ للبرلمان الأوروبي من شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 2009 يُشَجِعُ تطويرَ الشركات الاجتماعية باعتبارها نماذجَ للنمو الاقتصادي وشكلا مِنْ أشكال التعاون المشترَك. إليسابيتا فارغا ، الاستشاريةُ في إطار جمعية ناست التي تُقَدِمُ الاستشارةَ للشركات الاجتماعية، تُقَدِمُ لنا تعريفا مُفَصَلا للاقتصاد الاجتماعي:
” لقد تَطَوَرَ استجابةً للاحتياجاتِ الملموسة للمجتمعات، من خلال تحديدِ حلول جديدة للمشاكل الاجتماعية، هي احتياجاتٌ لا يُغَطِيهَا القطاعُ العامُ ولا ذلك الخاص. أهدافُ الاقتصادِ الاجتماعي تتمثل في إيجادِ أماكنِ عملٍ وتشجيعِ المواطنين للمشاركة في حَلِ بعض مَشاكلِ المُجتمعات. كما يُمْكِنُنَا تعريفُه بأنه عَكسُ اقتصادِ السوق، من خلال هَدَفِهِ الرئيسي — وهو الحصولُ على الأرباح. على العَكس مِنْ ذلك، يسعى الاقتصادُ الاجتماعي إلى تحسينِ ظُروفِ المَعيشة وتوفيرِ فُرَصٍ جديدةٍ للأشخاص المَحرومين”.
الاقتصادُ الاجتماعي ليس شيئا جديدا بالنسبة للرومانيين. كان موجودا في فترةِ النظامِ الشيوعي أيضا على شَكْلِ ما سُمِيَتْ بالتَعَاوُنِيَاتِ الحِرَفِيَة. دوميترو فورنا، العُضْوُ في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية يُعِيدُ إلى ذاكرتِنا :
” الاقتصادُ الاجتماعي ليس مَفهوما جديدا في صفوف الأوروبيين بشكل عام، ولا بالنسبة لنا الرومانيين بِشَكْلٍ خاص. إلا أنه ظَهَرَ في بلادنا في أشكالٍ أخرى. لقد بدأ بِمَفْهُوِم “التعاونية” ومن خلال التعاونيات. ولكنْ كانتِ التعاونيات لدينا قد مُنِِيَتْ بالفَشَلِ لأنَ الدولة الشيوعية استولت على هذا الشكلِ مِنَ الشَراكة الطَوْعِيَة. في الغرب، كانت هناك أشكالٌ حَلَتْ مَحَلَ هذه التعاونيات، مثل رابطاتِ العُمَالِ في أسبانيا وأنواعٍ مُختلفةٍ مِنَ الجمعيات التي صارتِ الآنَ نَشِطَةً جدا في أوروبا وحتى في رومانيا. الاقتصادُ الاجتماعي يَسعى إلى الاستفادةِ تماما مِنَ الموارد البشرية ويُرَكِزُ أولا على الإنسان وليس على الرِبح”.
متأثرا وقتا طويلا مِنَ الفترة الشيوعية، كان نشاطُ الاقتصادِ الاجتماعي في رومانيا قد سار ببُطْء بعد عام 1990. ورغم ذلك، كانَ الاقتصادُ الاجتماعي، عامَ 2009، مُوظِفا مُهِمًا بِحِصَةِ ثلاثةٍ فاصلة ثلاثة في المائة مِنْ مجموع المُوَظَفِين في رومانيا. وفي عام 2011، أَصْبَحَ قِطاعا هاما للحياة الاقتصادية والاجتماعية حيث كانت تنشط خصوصا المنظماتُ غيرُ الحكومية. كانت تسعةٌ وستون في المائة مِنَ المنظمات النشطة في الاقتصاد الاجتماعي عام 2009 قد أسستها مُخْتَلَفُ الرابطاتِ والجمعيات، وبقيةُ الواحدِ والثلاثين في المائة كانت مِلكيةً تَعاوُنِيَة. فيما يلي، تَعْرِضُ علينا إليسابيتا فارغا أمثلةً مِنَ الشركات الاجتماعية في رومانيا، مُعظمُها تَنْشِطُ في المناطق الريفية:
” واحدةٌ مِنْ هذه الجمعيات هي جمعيةُ “فيلاج لايف”، أي “حياةُ القرية”، التي أسستها مجموعةٌ مِنَ الشباب الذين عَمِلُوا سابقا في مُختلف الشركاتِ الكُبرى والذين عادوا، في وقتٍ لاحق، إلى قِيَمِ القَرْيَةِ رغبةً في الترويجِ لها. جَمْعِيَتُهُمْ الاجتماعيةُ تَهْدِفُ السياحةَ الريفية. يرغبون في الترويجِ لهذا المجال، وفي هذا الصدد، يتعاونون مع عَدَدٍ مِنَ المُضيفِين في المناطق الريفية الذين يَستقبلون سُيَاحَا ويُقَدِمُونَ لَهُمْ الحياةَ فِي القُرَى مِنْ خلال أنشطتِهم العادِيّة. يُقَدِمُونَ لهم المنازلَ والأماكنَ الجميلة جدا، إضافةً إلى التقاليد التي تَكادُ تَخْتَفِي. ومَثَلٌ آخَرُ هو جمعيةٌ بمُحافظة سالاج ، أَسَسَتْ بِصُحْبَةِ السلطاتِ المَحليةِ شَرِكَةً اجتماعيةً تَسْعَى إلى تطويرِ عَلامةٍ تجارية للسياحة في وادي باركاو. كما تَدْعَمُ الجمعيةُ مُنْتِجِي العَسَلِ الصِغَارِ في المنطقة”.
لِكَوْنِهِ قِطاعا بالغَ الأهميةِ بالنسبة للاتحاد الأوروبي، تَضَعُ المؤسسات الأوروبية تحت تَصَرُفِ الدول الأعضاءِ عدةَ فُرَصٍ تمويلية، كما أخبرنا دوميترو فورنا:
” في رومانيا أيضا، البرنامجُ التنفيذي القِطاعِيُ لتنميةِ الموارد البشرية نفسُه يتضمن هذا المَجالَ، أيْ تنميةَ الاقتصاد الاجتماعي. كانتْ هناك في فترةِ ما بين عامَيْ 2007 و 2013 مُحاولاتٌ لدعم الاقتصاد الاجتماعي وآمُلُ أَنْ يَستمرَ هذا الدعمُ الماليُ في الميزانية المُقْبِلَة. كانتْ هناك محاولةٌ لِمُساعدةِ الشركات الاجتماعية، ولكنَ الاستفادةَ مِنْ هذه الأموالِ تتطلب خِبرةً ومَعارِفَ مُعَيَنَة. لذا، مِنَ المُهِمِ أَنْ يَكُونَ لديك شُرَكاء، إذا أَرَدْتَ أَنْ تَنْجَحَ في الحصول على هذه الأموال الأوروبية “.
رغم رغبةِ الناس في المُشارَكةِ في مُنشأةٍ اجتماعية، الوصولُ إلى الأموال ليس دائما سَهْلا. إليسابيتا فارغا:
” بالنسبةِ لرجال الأعمالِ الصِغارِ والمُنشآتِ الاجتماعية الصغيرة التي قُمنا بعرضها، الحصولُ على هذه الأموال صَعبٌ جدا. في الحقيقة، هذه الأموالُ بعيدةُ المَنال بالنسبة لهم. أولا، بسبب التمويل المُشتَرَكِ والمُساهَمَةِ الخاصة في هذا المشروع وهو مبلغٌ لا يَملكه الكثيرُ مِنْ رجال الأعمال. في الحقيقة، الكلُ يتوقف هنا عندما يَجْرِي الحديثُ عَنِ الحُصول على أموالٍ أوروبيةٍ مِنْ هذا النوع”.
تسهيلُ الحصول على التمويل أُدرِجَ منذ عام 2011 إلى “المبادرةِ مِنْ أجل القيام بمشاريعَ اجتماعية”، هي خُطَةٌ شاملةٌ للاتحاد الأوروبي مُنَدَرِجَةٌ في استراتيجيةِ الاتحاد الأوروبي لعام 2020. ومع ذلك، الأموالُ الأوروبية لا تزال نادِرةً بالنسبة لِرِجالِ الأعمال الاجتماعِيِينَ في المناطق الريفية.