الاختبارات الوراثية فوق الجينية – مفتاح المستقبل
الشيخوخة عملية طبيعية وحتمية تمر بها الكائنات الحية كافة وتتمثل في التراجع التدريجي للوظيفة الفسيولوجية وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالعمر.ولكن في أحيان كثيرة يختلف العمر البيولوجي عن العمر الزمني للإنسان

Diana Baetelu, 22.09.2025, 15:30
الشيخوخة عملية طبيعية وحتمية تمر بها الكائنات الحية كافة وتتمثل في التراجع التدريجي للوظيفة الفسيولوجية وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالعمر.ولكن في أحيان كثيرة يختلف العمر البيولوجي عن العمر الزمني للإنسان بحث يبدو بعض الأشخاص أصغر سنا ويشعرون فعلا بأنهم أصغر سنا مما هو مكتوب في بطاقة هويتهم في حين يبدأ آخرون يشعرون بالشيخوخة منذ أوائل الأربعينيات.
لماذا يا ترى ؟ الإجابة نجدها لدى خبراء علم الوراثة فوق الجينية الذي يربط دراسة الجينات بدراسة نمط الحياة لتحديد مدى تأثير العوامل الخارجية على الجينات تفعيلا أو تعطيلا. وبذلك يساهم علم الوراثة فوق الجيينية بشكل كبير في زيادة متوسط العمر المتوقع.
وقد أجمع العلماء على أن البيئة التي نعيش فيها والنظام الغذائي الذي نتبعه علاوة على جودة النوم ومستويات التوتر والقلق والتلوث وحتى علاقاتنا الاجتماعية يمكن أن تفعل الجينات أو أن تبقيها في حالة خمول. على سبيل المثال قد يكون العمر البيولوجي شخص في الخامسة والأربعين ثمانية وثلاثين عاما لأن ذلك الشخص يتبع نمط حياة صحية. في المقابل قد يكون العمر البيولوجي لشخصفي الثلاثين من العمر أربعين عاما لأنه يعاني من الضغط والقلق ويتبع نظاما غذائيا غير متوازن ولا ينام وقتا كافيا. .وهنا تدخل اختبارات الجينات الوراثية على الخط لتعطينا معلومات مفيدة حول الحالة الصحية وطول العمر انطلاقا من نتائج أبحاث علمية تظهر تأثيرالعوامل فوق على متوسط العمر المتوقع أكثر من الجينات نفسها.
“طب إدارة العمر علم متكامل ومتعدد المجالات يساعد الخبراء والأخصائيين على فهم آليات الوقاية وتحديد كيفية تطبيقها على المستوى الفردي والحلول التي يمكن اقتراحها على الراغبين في حياة صحية مستقلة ونشطة” بحسب الدكتورة لويزا سبيرو الأستاذة في قسم طب الشيخوخة وعلم الشيخوخة بجامعة الطب والصيدلة ببوخارست:”نمط الحياة الذي نتبعه في المراحل المتقدمة من العمر هو في غاية الأهمية فأطول مرحلة من حياتنا تمتد من الخامسة والأربعين إلى الخمسين من العمر وهي الفترة التي تظهر فيها المشاكل في الحياة الأسرية إما لأن آباءنا شاخوا ويواجهون مشاكل صحية أو لأن أطفالنا كبروا فعلينا أن نهتم بهم مثلما اهتم أباؤنا بنا من قبل.
لكن هناك فرقا كبيرا بين والحياة طويلة والحياة الصحية النشطة والمستقلة وصانع الفرق هي التربية الفردية والاطلاع على سبل الوقاية من خطر الإصابة بأمراض مزمنة وفهم عوامل الخطرالمحتملة في الوقت المناسب. فكل هذا يساعدنا على عيش حياة طويلة وصحية .”
أكد المختصون أن الجينات لا تتغير ومع ذلك يمكن تغيير عوامل تفعيلها إذ أثبت علم الوراثة فوق الجينية أن الانسان ليس رهينة لشفرته الجينية وأنه يستطيع أن يؤثر على طريقة عمل جيناته إما صالحه أو ضده. هذه النظرية تغير بشكل جذري من نظرتنا للصحة بشكل عام .
يقول الخبراء إن الاختبارات فوق الجينية تمثل إحدى أكثر المكتشفات العملية إثارة على مدى السنوات الماضية.ولكن خلافا لاختبارات الحمض النووي التقليدية التي تحلل البنية الثابتة للجينوم تقيس الاختبارات فوق الجينية التغيرات الكيميائية التي تطرأ على الحمض النووي لتقديم معطيات هامة حول الحالة البيولوجية للفرد. الأستاذة الجامعية لويزا سبيرو رئيسة مؤسسة آنا أصلان الدولية وخبيرة طب إدارة العمر وشيخوخة الدماغ:”لقد بات في مقدورنا أن نستفيد من هذه المعطيات الجينية وفوق الجينية ومن نتائج تحليل اللعاب والبول التي تظهر مدى توازن القشرة الدماغية وكل ما يتعلق بمدى التوازن العقلي لتبرز آثار الضغوط البيئية على الانسان.على سبيل المثال يمكننا معرفة ما إذا كان شخص ما يعاني من نقص للمعادن والأحماض الأمينية والفيتامينات ويمكننا فحص لب الشعرة وإجراء اختبارات جزيئية لتحديد أنسب الحلول لتصحيح تلك الخلل.”
هذه الاختبارات بالغة الأهمية لأنها تكشف عن خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض الأيضية والأمراض العصبية التنكسية كما تسمح بتغيير نمط الحياة إلى الأفضل .وقد أثبت علم الوراثة فوق الجينية أن الحمض النووي الموروث يحدد فقط عشرين إلى ثلاثين بالمائة من عمر الإنسان في حين أن طول العمر المتبقي يتوقف بشكل كبير على نمط الحياة اليومي والنظام الغذائي والنشاط البدني وجودة النوم وكيفية التعامل مع الضغوط. بعبارة أخرى فإن الاختبارات فوق الجينية تفسح المجال إلى طب المستقبل كطب شخصي وقائي يعتمد على تقييم تأثير نمط الحياة على الجينوم.