صفحات من تاريخ قوات الدرك الرومانية
بدأت السلطات الرومانية بإنشاء المؤسسات العسكرية الوطنية في القرن التاسع عشر. وكانت من بين أولى تلك المؤسسات قوات الدرك التي أنشئت في عام 1850 في أمارة مولدوفا
Diana Baetelu, 25.10.2025, 15:30
بدأت السلطات الرومانية بإنشاء المؤسسات العسكرية الوطنية في القرن التاسع عشر. وكانت من بين أولى تلك المؤسسات قوات الدرك التي أنشئت نشأن في عام 1850 في أمارة مولدوفا. لكن مؤسسات لها صلاحيات مماثلة مرتبطة بالحفاظ على النظام والهدؤ العامين وحماية المواطنين وممتلكاتهم كانت قد تأسست قبل عام 1850 وتحديدا في عام 1829 تحت مسمى “الميليشيات” أو “الحرس الوطني”. وفي عام 1893 تأسست قوات الدرك الريفية . بين عامي 1877 و1878 شاركت قوات الدرك في حرب الاستقلال ضد الإمبراطورية العثمانية رغم قلة عدد جنودها وكذلك في حرب البلقان الثانية عام1913 وثم في الحربين العالميتين.
كتبت قوات الدرك على مدى المائة وخمسة وسبعين عاما التي مرت على إنشائها قصصا بطولية وأخرى مظلمة ومن بين الأخيرة مشاركتها في قمع انتفاضة الفلاحين في عام 1907 وفي الهولوكوست في أربعينيات القرن الماضي. بعد الحرب العالمية الثانية وتحديدا في عام 1948 قام النظام الشيوعي بحل قوات الدرك وأعيدى إنشاؤها بعد ثورة عام 1989 المناهضة للشيوعية.
توجد في أرشيف مركز التاريخ المروي التابع للإذاعة الرومانية مقابلات مع ضباط درك سابقين تذكروا فيها الأحداث التاريخية التي شاركوا فيها . وكان من بينهم العقيد غريغوري ميكوليسكو. في عام 1995 استذكر مشاركته بصفته طالبا في مدرسة الدرك في الدفاع عن مقر المفتشية العامة للدرك أثناء تمرد حركة الحرس الحديدي اليمينية المتطرفة على الحكومة في يناير كانون الأول عام 1941 :”كلف طلاب مدرسة الدرك بحراسة المفتشية العامة للدرك في أحد أحياء بوخارست. فقاموا بتصميم مخطط للدفاع عنه وصد أي هجوم قد يقدم عليه مسلحو الحرس الحديدي .
وقد اتجهت عناصر الحرس الحديدي إلى المكان بالفعل لكن ضباط المدرسة كانوا على علم بأن الحرس الحديدي قد يهاجم مبنى المفتشية العامة وكانوا أخذوا أهبتهم وأعدوا أنفسهم للمواجهة.وعندما وصل مسلحو الحرس الحديدي إلى مقر المفتشية العامة لاحظوا أن طلاب مدرسة الدرك مستعدون للدفاع عن المؤسسة ومجهزون برشاشات آلية وبناديق فتأملوا المشهد قليلا ثم انصرفوا.”
في عام 1995 استذكر اللواء ميخائيل بارون أحداث الثالث والعشرين من آب أغسطس عام 1944 التي أعقبت فسخ رومانيا التحالف مع ألمانيا النازية وانضمامها إلى قوات الحلفاء. كان حينئذ ضابطا مناوبا في ثكنة وحدة المشاة التابعة للدرك وشارك في المعركة ضد القوات الألمانية في بوخارست:”في حوالي الساعة الثامنة من صباح الثالث والعشرين من آب أغسطس استدعاتي أحد قادة سلاح الفرسان . كان في غاية الانفعال وأخبرني بأنه جاء لطلب المساعدة وإلا فإن الألمان سيكسرون الحصار. أبلغت قائد الوحدة على الفور فأمرني بجمع الجنود المتواجدين في الثكنة والذهاب معهم إلى مكان المواجهة. بالإضافة إلى ذلك أرسل إليهم رشاشات . فقد حوصرت القوات الألمانية وتعرضت لنيران الرشاشات وبعد حوالي نصف ساعة من المواجهة رفعت الراية البيضاء واستسلمت .
تعرض رجال الدرك أثناء مرافقتهم الجنود الألمان إلى مقر وحدة المشاة التابعة لقوات الدرك تعرضوا لنيران أطلقت من فندق غراند. عندئذ اقتحم بعضهم الفندق وأسر عددا من الضباط الألمان الذين كانوا قد اتخذوا من الفندق مقرا لهم واقتادهم مع سائر الأسرى إلى مقر وحدة المشاة التابعة لقوات الدرك.لقد أُسروا حوالي مئتين وثلاثين من الضابط وضابط الصف والجنود .”
إميل ميهولياك تذكر في حديث للإذاعة الرومانية عام 1995 الأحداث التي تلت نهاية الحرب ومن بينها حل قوات الدرك وإغلاق مدرستها من قبل النظام الشيوعي. وقد رأى بعض المؤرخين في ذلك الإجراء عقابا لسلاح نخبة اعتبره الشيوعيون “حارسا للرأسماليين وملاك الأراضي” و”أداة في أيدي ملاك الأراض لنهب ما يكسبه الفلاحون بعرق الجبين “.
تحدث إميل ميهولياك عن أهمية مدرسة الدرك :”كانت مدرسة متميزة بفضل مدرسيها الذين كان معظمهم من الضباط ذوي الكفاءة المهنية العالية والثقافة العسكرية الواسعة . أما العملية التعليمية في المدرسة فكانت متقدمة على التعليم العسكري آنذاك من عدة نواح .كانت مدة الدراسة في مدرسة الدرك ثلاث سنوات حصل الطلاب أثناءها على تدريب متعدد الجوانب.فقد برز خريجو المدرسة في معارك الحربين العالميتين حيث قدموا خدمات جليلة للجيش والوطن.”