آثار التلوث على المصابين بأمراض مزمنة
أكدت أحدث الدراسات العلمية وجود علاقة وثيقة بين ارتفاع مستويات التلوث وتدهور الحالة الصحية للسكان
Diana Baetelu, 13.11.2023, 14:19
يستنشق سكان بوخارست هواء ملوثا كل يوم بسبب ارتفاع مستويات التلوث بشكل متواصل على مدى السنوات الخمس الماضية . وقد أكدت أحدث الدراسات العلمية وجود علاقة وثيقة بين ارتفاع مستويات التلوث وتدهور الحالة الصحية للسكان . إحدى أحدث الدراسات من نوعها أجراها فريق من الخبراء براعية معهد أمراض الرئة في بوخارست بهدف تحديد العلاقة بين الجسيمات الدقيقة العالقة المعروفة ب PM2.5 وPM10 وعدد حالات إدخال المصابين بأمراض مزمنة في المستشفى من أجل العلاج .
فيما يتعلق بالتلوث بالجسيمات الدقيقة والمواد السامة مثل ثاني أكسيد النيتروجين توصل مركز السياسات المستدامة أيكوبوليس إلى استنتاجات مفيدة قام بإدراجها في التقرير حول جودة الهواء في بوخارست لعام 2023.
أوانا نينيتشيو منسقة شبكة المستشعرات التابعة للمركز التي تم تركيبها في مدارس وسمتشفيات بالتعاون مع بلدية العاصمة لديها المزيد من التفاصيل :”تقوم أجهزة الاستشعار بقياس كميات الجزيئات الدقيقة في الهواء وهب مواد تشكل نوعا من الغبار المحمل بجميع أنواع الجزئيات العالقة التي تدخل الجهاز التنفسي وحتى الرئة مع الهواء المستنشق .الجزيئات PM10 قطرها أكبر قليلا من قطر جزئيات PM 2.5 وهي أكثر ضررا للصحة لأنها تدخل الرئتين مبشارة وتبقى هناك .لقد قمنا برصد جودة الهواء لمدة مئتين وستة وستين يوما حيث أظهرت القياسات أن مستوى التلوث بجزئيات PM 2.5 تجاوزا الحد الأقصى المسموح به في مائة يوم ويوم من مدة الدراسة فيما كان شهر فبراير شباط الأكثر تلوثا بين أشهر السنة وكان عيد الحب الموافق للرابع عشر من فبراير اليوم الأكثر تلوثا في العام والسبب ربما يكمن في أن الناس استخدموا سياراتهم الخاصة للذهاب إلى حفلات عيد الحب .
أعلى مستويات لتلوث في الساعة سجلت في مستشفى “فيكتور غومويو” للأطفال بثلاثمائة وواحد وسبعين ميكروغراما للمتر المكعب في ذات يوم الرابع عشر من فبراير. أما مستويات التلوث في المستشفيات بصورة عامة فقد تجاوزت المعدل السنوي المسموح به في ثلاثة عشر مستشفى من أصل الأربعة عشر مستشفى موضوع الدراسة . أما مستويات التلوث في المدارس — فقد سجلت في تسع وعشرين مدرسة من أصل الثلاثين مدرسة موضوع الدراسة قيما أعلى من المعدل السنوي المسموح به لـجزئيات PM 2.5 .بصورة عامة ليس وسط العاصمة المكان الأكثر تلوثا بجزئيات PM 2.5 وإنما المناطق الأكثر ازدحاما التي تشهد حركة مرور كثيفة هي التي تعاني من مستويات تولث مرتفعة .. ومع ذلك فإن القيم الأعلى من الحد الأقصى المسموح بها للجزيئات العالقة لا تتجاوز المقادير المنصوص عليها في توجيهات الاتحاد الأوروبي . وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية هي الأخرى توصيات بشأن الحد الأقصى المسموح به للجسيمات العالقة وهي خمسة ميكورغام للمتر المكعب شهريا لجزئيات PM 2.5. وخمسة عشر ميكروغرام للمتر المكعب شهريا لجيئيات PM10. وقد حددت هذه القيم مع الأخذ بلاعتبار لحجم الضرر الذي تلحقه هذه الجزئيات الملوثة بصحة البشر .
لذا فإن فريق البحث الذي عمل تحت رعاية معهد أمراض الرئة لإعداد الدراسة حول آثار التلوث على الأمراض المزمنة رصد لمدة خمس سنوات آثار تجاوز الحد الاقصى المسموح به للجزئيات العالقة على المرضى .الدكتورة بياتريس مالبرمديرة معهد أمراض الرئة قدمت لنا استنتاجات الدراسة :” قارننا قيم التلوث بالجزئيات العالقة التي تم تسجيلها من قبل خبراء فريق البحث بعدد المرضى الذين كان من الضروري إدخالهم في المستشفى للعلاج وكان أولئك المرضى يعانون من ثلاثة أنواع من الأمراض المزمنة على وجه الخصوص هي أمراض الجهاز التنفسي والقلب والشرايين والأوعية الدموية الدماغية. كما تبين أن الفترة التي تسجل فيها أعلى مستويات التلوث تمتد عموما من شهر مارس آذار إلى شهر مايو أيار من كل عام باستثناء عام 2020 وفترة الإغلاق إبان جائحة كورونا عندما قل عدد حالات الإدخال في مستشفيات الأمراض المزمنة وقل أيضا حجم الإنتاج الصناعي .وقد توصلت الدراسة إلى أنه كلما زاد معدل التلوث بجزئيات PM2.5 بعشرة ميكروغرامات للمتر المكعب شهريا يزيد عدد المصابين بأمراض الجهاز التنفسي الذين يجب لإدخالهم في المستشفى بما يتراوح ما بين تسعين حالة وتسعمائة وثمان وثلاثين حالة “
نفس العلاقة بين ارتفاع مستويات التولث وعدد المرضى الذين يجب إدخالهم في المستشفى تتبين فيما يتعلق بالمصابين بأمراض القلب والشرايين بحسب الطبيبة بياتريس مالير: ” زيادة كمية الجسيمات الدقيقة 2.5 PM بمقدار عشر ميكروغرامات للمتر المكعب شهريا تؤدي إلى زيادة عدد المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية الذين يدخلون في المستشفى بما يتراوح ما بين ستة وعشرين مرضيا وألف وثلاثمائة واثنين وتسعين مريضا . فمن الواضح أن آثار التلوث أخطر بكثير على المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية منها على المصابين بأمراض تنفسية . ما فاجأنا من استنتاجات الدراسة أن أيضا أمراض الجهاز العصبي وتحديدا السكتة الدماغية تتأثر بمستويات التلوث بشكل كبير وهو ما لم نكن على علم به من قبل .”
استنتاجات الدراسة واضحة وهي أن كلما زاد تركيز جزئيات PM2.5 وPM10 في هواء العاصمة بوخارست تتفاقم معاناة المصابين بأمراض الجهاز التنفسي ويصبح الماصبون بأمراض القلب والأوعية الدموية أكثر عرضة للنوبات قلبية والسكتات الدماغية ما يقتضي إدخالهم في المستشفى للعلاج . من جانب آخر لا يجب الاستهانة بتكاليف علاج المصابين بأمراض مزمنة وهي مرتفعة للغاية بحسب الدارسة التي أظهرت أن ارتفاع مستويات التلوث بجزئيات PM2.5 يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع تكاليف العلاج في المستشفى بما يتراوح ما بين ستة وعشرين ألف يورو ومائتين وثمانية وثمانين ألف يورو شهريا.