الإعلامي ميرتشا كارب في عيد ميلاده المائة
ميرتشا كارب هو إعلامي روماني كان واحدا من أبرز الصحفيين في القسم الروماني في إذاعة أوروبا الحرة
Diana Baetelu, 19.02.2023, 10:00
ميرتشا كارب هو إعلامي روماني كان واحدا من أبرز الصحفيين في القسم الروماني في إذاعة أوروبا الحرة حيث ساهم في ذياع صيتها بشكل ملحوظ .و في الثامن والعشرين من يناير كانون الثاني من هذا العام تجاوز ميترشا كارب عتبة المائة عام من العمر . كان في قلب الاضطرابات والصراعات المحتدمة التي جعلت من القرن العشرين حقبة عصيبة للغاية في تاريخ البشرية وكان شاهدا على حربين عالميتين ووصول الفاشيين والشيوعيين إلى سدة الحكم واستخلص من تلك الأحداث العبر والدروس . قاتل في معارك الحرب العالمية الثانية وأصيب بجراح فمنح وساما عسكريا .. هاجر إلى الغرب بعد الحرب احتضن مهنة الصحافة التي مارسها باحترافية في كل من إذاعة صوت أمريكا و أوروبا الحرة ليصبح واحدا من أقوى الأصوات في الصحافة الرومانية ما بعد عام 1945 …وقف إلى جانب الشعب الروماني في جميع اللحظات الصعبة التي مر بها في النصف الثاني من القرن العشرين حتى عام 1989 . ويبقى مريتشا كارب في الذاكرة الجماعية كالصوت الذي كان يقول في مستهل كل قترة إذاعية : ” هنا راديو أوروبا الحرة ..”
في عام 1997 تحدث ميرتشا كارب لمحرري مركز التاريخ المروي التابع للإذاعة الرومانية عن عمله في إذاعة صوت أمريكا وسئل عما إذا كان على علم بمعاناة المعتقلين السياسيين في رومانيا فأجاب :
“بكل تأكيد كنا على علم بمأساتهم وكنا نتحدث عنها في برامجنا لكن كان علينا أن نتحلى بأقصى درجات الحذر ونحن نبث معلومات حول أوضاعهم .. وهذا انطبق على كافة الأنبأ والمعلومات التي كانت إذاعة صوت أمريكا تبثها والتي كان لا بد من وصولها إلينا من مصدرين مختلفين لكي نتأكد من صحتها …الحقيقة أنه فيي أحيان كثيرة كنا نشكك في صحة الأنبأ التي وصلتنا من رومانيا .. صحيح أننا كنا على علم بفظائع السجون الشيوعية ومعاناة المعتقلين السياسيين الذين كانوا ينفذون أحكاما بالأعمال الشاقة في قناة الدانوب .. كنا على علم بكل ذلك ولكن كان علينا أن نتحلى بالحذر عند إذاعة الأسماء والتواريخ و أسماء الأماكن تفاديا لأي خطأ قد يقع بسبب نسيان المصدر لبعض التفاصيل أو المبالغة فيها ..بطبيعة الحال كنا نبث تلك المعلومات بعد التأكد من صحتها كما كنا نبث مقابلات مع أشخاص غادروا رومانيا للتو وكان معظمهم يطالبوننا بعدم الكشف عن هويتهم خشية إحراج أقاربهم في رومانيا أو تعريضهم للخطر.”
عمل كارب في إذاعة أوروبا الحرة اعتبارا من عام 1951 ثم انتقل إلى إذاعة صوت أمريكا حيث أصبح واحدا من اكثر المذيعين شعبية لدى المستمعين الناطقين بالرومانية لجودة البرامج التي كان يعدها . في عام عام 1978 عاد إلى إذاعة أوربا الحرة حيث تولى إعداد برنامج ” السياسة الخارجية ” الذي أصبح أحد أنجح برامج الإذاعة من حيث نسب المتابعة :
“قبل انضمامي إلى هيئة تحرير القسم الروماني في إذاعة أوروبا الحرة كانت البرامج تنقصها الدينامية لكني أضفيت عليها شيئا من الدينامية التي كانت تتميز بها برامج صوت أمريكا وهكذا أصبحت مدة البرامج أقصر وتنوعت الأصوات والشخصيات التي تشارك في البرامج كما استضفنا في برامجنا أيضا شخصيات من مختلف البلدان بما فيها رومانيا .. وكان ضيوفنا من رومانيا فقط من المهاجرين إلى العالم الحر.لكن أهم شيء أن إذاعة أوربا الحرة أدركت أن سقوط الستار الحديدي بات وشيكا وكثفت حملتها على الأنظمة الشيوعية .. القسم الروماني أيضا أصبح يشدد على الوضع الصعب في رومانيا والذي كان لا يطاق وكان يتناوله بالتفصيل في برامجه ليكشف النقاب عن كل ما خفي من حقائق على جزء كبير من الرومانيين في الداخل . ربما تلك التفاصيل الكثيرة عن حقائق الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية في رومانيا آنذاك هي السبب وراء الشعبية الكبيرة التي تمتعت بها إذاعة أوربا الحرة بين الرومانيين الذين وإن كانوا على علم ببعض منها إلا أنه تعذر عليهم التحدث عنها أو التعبير عن مشاعرهم وآرائهم بصراحة على الملأ ..”
الصحفي ميرتشا كارب احتفل في يناير كانون الثاني الماضي بعيد ميلاده المائة . لكن تاريخ الإعلام الروماني الحر لا يمكن أن يخلو من اسمه كما لا يمكن أن يخلو من أسماء زملائه البارزين في إذاعة أوروبا الحرة : نويل بيرنار ومونيكا لوفينيسكو و فلاد جورجيسكو ونيكولاي كونستنتين مونتيانو.