جمعية القرى الرومانية
خطط الديكتاتور الشيوعي نيكولاي تشاوشيكو لتغيير الوجه العمراني لرومانيا وفق مشروع أطلق عليه بمنتهى النفاق التخطيط العمراني للمدن والقرى
Steliu Lambru, 17.01.2023, 22:24
خطط الديكتاتور الشيوعي نيكولاي تشاوشيكو لتغيير الوجه العمراني لرومانيا وفق مشروع أطلق عليه بمنتهى النفاق التخطيط العمراني للمدن والقرى. تنفيذ المشروع في المدن اقتضى هدم أحياء سكنية تاريخية في العاصمة وغيرها من المدن الرومانية بشكل غير مبرر وعلى غير جدوى. أما فيما يتعلق بالمناطق الريفية فنص المشروع على هدم نحو ثمانية ألف قرية من أصل ثلاثة عشر ألف قرية بهدف زيادة مساحة الأراضي الزراعية وكل ذلك لضمان تنمية متوازنة لجميع المناطق كما ادعى النظام. ربما بدا المشروع إيجابيا من الناحية النظرية إلا أن تنفيذه على الأرض جاء بنتائج كارثية. فكيف لنظام أخفق في إدارة الاقتصاد الروماني بشكل فعال أن يقدرعلى تنفيذ مشروع عملاق طموح كهذا بما يجدي نفعا؟
الرومانيون لم يعارضوا خطة التخطيط العمراني خشية التعرض للاضطهاد لكن شخصيات الجاليات الرومانية في أوروبا لم تدع تشاوشيسكو يتصرف على هواه. ففي نهاية عام 1988 تأسست في بلجيكا جمعية عملية “villages roumains” أي القرى الرومانية التي سعت إلى إنقاذ الثلاثة عشر ألف قرية رومانية من خلال حملة ترويج لقضية القرى الرومانية في البلدان الغربية وحشد الدعم لها. وسرعان ما تأسست فروع للجمعية في فرنسا وهولاندا وسويسرا والسويد والمملكة المتحدة وإيطاليا وأسبانيا والنرويج والدنمارك وسط موجة تضامن أوروبي غير مسبوقة دفاعا عن التقاليد وحقوق الإنسان. أكثر الشخصيات الرومانية نشاطا ضمن جمعية ” القرى الرومانية ” هم المحامي والمعتقل السياسي السابق دينو زامفيريسكو والصحفية والناشطة الحقوقية أريادنا كومب والمؤرخ ميهنيا بيريديه. كما شارك صحفيون ومصورون ومهندسون فرنسيون وبلجيكيون في تأسيس الجمعية.
في عام 2003 أجرى مركز التاريخ المروي التابع للإذاعة الرومانية مقابلة مع دينو زامفيريسكو. كان قد هاجر إلى فرنسا في عام 1975 وكان عضوا في الحزب الوطني الليبرالي كما عمل محررا في القسم الروماني في هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي. عن دوره في الجمعية قال زامفيريسكو:“كنت انخرطت في فعاليات الجمعية منذ عامين حيث كنا نلتقي بشكل منتظم لإعداد مذكرات وعرائض. لقد جبت فرنسا وبلدانا أوروبية أخرى طولا وعرضا لمدة عامين بصحبة ميهنيا بيريندي وأريادنا كومب للترويج لقضية القرى الرومانية. ففي يوينو حزيران من عام 1989 وصلنا أيضا إلى هنغاريا لحضور مراسم إعادة دفن رفات رجل السياسة المجري الإصلاحي إمري نوغي ورفاقه الذين أعدموا من قبل السلطات الشيوعية بعد ثورة عام 1956. ألقينا محاضرات دعما لقضية القرى الرومانية وأيضا لنشر معلومات حولها في مدن كثيرة في فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة وإيطاليا. مساعينا حظيت باهتمام الرأي العام والسلطات والمنظمات غير الحكومية ومن بينها منظمة أطباء العالم التي كانت بدورها تحظى بدعم بعض من أعضاء الحكومة الفرنسية. فقد ساعدونا على القيام بجولاتنا تلك كممثلين عن رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان في رومانيا.”
في نهاية شهر ديسبمركانون الأول من عام 1989 شارك دان زامفيريسكو في نقل إمدادات الإغاثة إلى الرومانيين بعد أيام قليلة على سقوط النظام الشيوعي:“انضممت على الفور إلى عمليات نقل إمدادات الإغاثة حيث رافقت صحبة أريادنا كومب وميهنيا بيريندي أولى إمدادات الإغاثة التي تم نقلها إلى رومانيا على متن طائرة عسكرية فرنسية في السابع والعشرين من ديسمبركانون الاول من عام 1989. ثم في التاسع والعشرين من الشهر نفسه عدت إلى رومانيا على متن أولى طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الفرنسيىة سمح لها بالهبوط في مطار بوخارست الدولي الذي كان مغلقا آنذك. رافقتني في تلك الرحلة صحفية فرنسية خبيرة في الشؤون الرومانية وعضو في رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان في رومانيا. كنت أحمل جواز سفر فرنسيا ما فتح كل الأبواب والقنوات أمامي.”
تمثل فعاليات جمعية “القرى الرومانية” نموذجا للتضامن الأوربي في وجه تجاوزات نظام سياسي قاس. وساهمت فعالياتها في حماية القرى الرومانية في السنوات الأخيرة من الحكم الشيوعي الغاشم.