الخطة زد
أصبحت بلدان أوروبا الوسطى والشرقية بعد احتلالها من قبل الجيش الأحمر وتنصيب حكومات شيوعية موالية لروسيا فيها اتبداء من عام 1945 - أصبحت تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي بشكل كامل
Diana Baetelu, 22.06.2024, 15:30
أصبحت بلدان أوروبا الوسطى والشرقية بعد احتلالها من قبل الجيش الأحمر وتنصيب حكومات شيوعية موالية لروسيا فيها اتبداء من عام 1945 – أصبحت تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي بشكل كامل بل تحت رحمته فيما تعلق بالدفاع عن نفسها من أي عدوان قد يواجهها وذلك بسبب افتقارها إلى استراتيجيات دفاعية وطنية لتطبيقها عند الحاجة . ورغم انضمام دول الكتلة الاشتراكية إلى جانب الاتحاد السوفييتي إلى معاهدة وارس العسكرية إلا أن الاتحاد السوفييتي لم يتردد في احتلال المجر عام 1956 وتشيكوسلوفاكيا عام 1968 للإطاحة بالحكومتين الإصلاحيتين هناك. رومانيا شعرت هي الأخرى بأنها باتت عرضة لعدوان سوفييتي وأدانت غزو تشيكوسلوفاكيا على الفور ساعية في الوقت نفسه إلى وضع خطة دفاعية وطنية . وهو ما حصل فعلا بإقرار الزعيم الشيوعي الروماني نيكولاي تشاوشيسكو خطة دفاعية اعتمدت على مفهوم “حرب الشعب من أجل الدفاع عن الوطن “.
الجنرال نياغو كوزما عمل في أجهزة الاستخبارات قبل عام 1989. ةوفي عام 2002 تطرق في حديث لمركز التاريخ المروي التابع للإذاعة الرومانية إلى الاستراتيجية الأمنية الوطنية التي سميت بعد عام 1989 بالخطة زد.”دارت مناقشات كثيرة حول كيفية استخدام موارد الدولة ودور قيادة العمليات العسكرية والقائد الأعلى للقوات المسلحة في حال واجهت رومانيا عدوانا خارجيا . لقد قال البعض إن تشاوشيسكو كان جبانا وأراد في الواقع أن يلوذ بالفرار هو وأفراد أسرته . لكني أود أن أؤكد لكم استنادا إلى معطيات رسمية أن إجلاء تشاوشيسكو كان جزءا من قواعد الحرب لأنه كان القائد الأعلى للقوات المسلحة ونحن نعلم أنه واجب على أي جيش في العالم أن يؤمن ملاذا آمنا لقائد القوات المسلحة وقياداتها.”
هدفت الخطة زد إلى ضمان وجود الدولة الرومانية في ظروف قصوى. نياغو كوزما والتفاصيل : “سميت الخطة في البداية بخطة “روفيني” وبعد ثورة ديسمبر عام 1989 أطلقت عليها الصحافة اسم الخطة زد .وقد نصت الخطة على أن يبدأ بتنفيذها على الأرض فور تعرض رومانيا لعدوان أوفي حال بات وشيكا احتلال العاصمة وجزء من الأراضي الرومانية بشكل مؤقت وهو ما كان ليجعل قيادة ما سيمى ب”نضال الشعب ضد الغزاة والمحتلين” من مقر واحد أي من مقر قيادة الجيش أمرا صعبا للغاية إن لم يكن مستحيلا. كما حددت الخطة تفاصيل عملية إخراج تشاوشيسكو من مبنى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي عبر النفق الذي يربط المبنى بالقصر الملكي السابق الواقع على الجهة المقابلة للطريق .”
تضمنت الخطة أيضا تفاصيل حول إدارة حرب العصابات وعمليات التخريب فضلا عن تفاصيل عملية انسحاب الجيش إلى الحدود المتاخمة ليوغوسلافيا وعن سبل تأمين تشاوشيسكو وقيادة الجيش في حال تعرضت رومانيا للغزو والاحتلال من قبل السوفييت.وبمرور الوقت أجريت تعديلات على الخطة الأصلية من أجل تحسينها: “كانت وسائل الاتصال اللاسلكي وفرق التضليل جاهزة للعمل فيما كان بعض منها موجودا على الأرض بالفعل .أما الدفاع عن مقر قيادة الجيش والقائد الأعلى للقوات المسلحة فقد تقرر إخراج تشاوشيسكو من مبنى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في حال تعرضه للاقتحام هذا بالإضافة إلى صنع مقياس صغير الحجم لقياس الإشعاع النووي. كما تقرر إجراء دراسة ميدانية للطرق البرية في منطقة جبال الكاربات الجنوبية لاستخدامها في حال اضطرار الجيش إلى الانسحاب على عجالة مع توسيع نطاق الدراسة لتشمل جميع المعابر إلى جبال الكاربات.
بالإضافة إلى ذلك تم تحديد المواقع الجديدة لمقار بعض المؤسسات والطرق المؤدية إليها وتشكلت لجان مختلطة بمشاركة وزير النقل ورئيس القسم التنظيمي في اللجنة المركزية للحزب وخبراء في وزارة النقل مهمتها تأمين سلاسة حركة المرور عبر السكك الحديدية والطرق البرية بين بوخارست وتيميسوارا. وتم تصوير أرشيف جهاز الأمن على الميكروفيلم لتسهيل نقله وإخفائه ومنع وقوعه في أيدي الغزاة. وتم أيضا تغيير رمز الدولة.”
انخفاض شعبية النظام بشكل متزايد بسبب اعتماد تشاوشيسكو وزوجته نهجا قاسيا في الحكم أدى إلى تراجع أهمية الخطة زد كخطة وطنية وتحويلها من خطة ذات أهداف وطنية نصت على حماية تشاوشيسكو ضمن أهداف أخرى عديدة إلى خطة لحماية تشاوشيسكو شخصيا ليس إلا لتصبح إبان ثورة عام 1989 عديمة الفائدة. سألنا نياغو كوسما عن أسباب عدم تطبيق الخطة زد في عام 1989 فقال :”لم تطبق الخطة لأنه لم يكن هناك من يقوم بتطبيقها . ففي عام 1968 كان هناك من المسؤولين رافيعي المستوى من اعتزموا تطبيقها حرفيا إلى حد التضحية بأنسفهم . أما في عام 1989 فلم يكن أحد على استعداد لتنفيذ الخطة لأن الجميع كان قد سئم من حكم تشاوشيسكو وكان بعض الضباط في خدمة الحراسة قد حاولوا تصفية تشاوتشيكو وزوجته أكثر من مرة . لذلك لم تطبق الخطة زد إبان الثورة لأن أحدا لم يرغب في تطبيقها”.
