الأطفال و التسول
نراهم في الشوارع المزدحمة في وسط المدينة، في المنطقة المحيطة بمحطات القطارات، و على مداخل المتاجر و السوبر ماركت. بعمرهم البيولوجي هم لا يزالون أطفالاً، و لكن بخبرتهم في الحياة، يتجاوزون بكثير كثيراً من البالغين
Ana-Maria Cononovici, 25.09.2013, 18:30
الأطفال المتسولون هم للأسف كثيرون جداً في رومانيا. لماذا يصل هؤلاء الأطفال إلى التسول سواءً أكان البرد قارساً أو الحر قائظاً، مرتدين خرقاً أو ملابس مرقعة و مهترئة، في سن يجب أن يكونوا فيها في ملاذ عن كل ذلك، في منزل أسرة مُحبة؟
على هذا السؤال، حاول الأجابة ممثلو كل من: جمعية “هاتف الطفل” و الوكالة الوطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص، و معهد التحري و الوقاية من الجريمة. مشروعهم الذي يحمل بعنوان: “أين يبدأ التسول تنتهي الطفولة”، و الممول من السفارة الفرنسية، كانت أهدافه الحقيقية، التعرف على دوافع تسول الأحداث، لتحديد طرق الوقاية من تفشي هذه الظاهرة. الدراسة المتعلقة بأسباب التسول، تشمل آراء السلطات المحلية حول هذه الظاهرة، و ليست دراسة إحصائية. إلا أنها مع كل هذا، توضح الكثير عن الطريقة التي ينظر بها أو تدرك بها هذه الظاهرة، في رأي مفوض الشرطة، العقيد/كونستانتين سترويسكو:
“فيما يخص أسباب التسول بين صفوف الأطفال، وفقا للسلطات المحلية، فإن الدافع الرئيسي، كان الفقر. و اعتبر عاملاً محركاً بنسبة 85.4 ٪. أما الأسباب الأخرى فهي التأثير السلبي للأسرة أو غياب إشراف أو حقيقة أن يجبر الوالدان الطفلَ على التسول، و ما عدا ذلك، من عدم إشراك المدارس و السلطات المحلية. و إذا كنا نقصد المستفيدين من الأرباح التي يجنيها القصر من التسول، فتعتبر السلطات المحلية أن الأسرة هي التي تستفيد في المقام الأول، متبوعة بأشخاص آخرين من الذين يجبرون الطفل على التسول. و في نهاية المطاف، يعتبر أن المنتفعين هم الأطفال. و عند السؤال، من أين يأتي الأطفال-المتسولون، كثير من المستطلعة آراؤهم، إلى حقيقة أن 75 ٪ منهم ينتمون إلى أسر تعاني من مشاكل مادية، ثم من الأسر التي تعاني من استهلاك الكحول، و الأسر المتأثرة بالعنف المنزلي أو من التي لا تعتني بالأطفال”.
أما عدد الأطفال الذين يتسولون، فمن الصعب حسابه. و لكن كما يقول فيليب غوستين، سفير فرنسا في بوخارست، في إشارة إلى مائتي قاصر روماني من الذين يتسولون في باريس:
“ليست الأرقام هي المثيرة للإهتمام، ولكن الظاهرة نفسها. فطفل واحد فقط يتسول، يعني الكثير مسبقاً. لذلك، فإن مائين يعد رقماً ضخماً”.
أسست من أجل أن تضع تحت تصرف الأطفال وسيلة لإسماع صوتهم، جمعية “خط هاتف الطفل” عبر الإتصال برقم 111 116، لديها القدرة على الإستماع إليهم . بما في ذلك فكرة مشروع “أين أبدأ التسول ، تنتهي الطفولة”، أعطيت لهم من قبل الأطفال الذين إتصلوا على رقم هاتفس في 111 116. كاتالينا فلوريا، المديرة التنفيذية لجمعية “هاتف الطفل”:
“فيما يخص عدد الحالات من هذا النوع، التي أبلغ عنها عبر هاتف الطفل، فهي كثيرة جداً. لذلك، إخترنا المضي قدماً في هذه الخطوة، لأنه أمر محبط بالنسبة لنا، المتواجدين على الطرف الآخر للهاتف، أن نسجل مثل هذه الحالات، و أن نجد أن القوانين لا تسمح بعمل أكثر مما يُفعل، لأن الفرق المتنقلة تأخذ هؤلاء الأطفال في الشارع”.
بعد العثور و التعرف عليهم من قبل مديريات حماية الطفل، يؤخذ الأحداث – المتسولين إلى مراكز استقبال طارئة. إلا أنهم لا يمكثون هناك لفترة طويلة من الوقت. كانالينا فلوريا، تحدثنا مجدداً:
“إنهم يصلون في اليوم التالي إلى الشارع، وفقاً للقانون. مديريات المساعدة الإجتماعية، تقول إن ليس لديها الحق في حرمان قاصر من الحرية. فهو حر إذا أراد مغادرة مركز الاستقبال الطارئ. و عندما يعثر عليه أكثر من مرة، في الشارع، فعنذئن توجد مشكلة بالفعل. المشكلة ليست لدى الطفل، فهو لن يصل بمحض خياره إلى الشارع. لذلك، نتحدث عن معاقبة الآباء والأمهات أيضاً. و من وجهة النظر هذه، توجد ثغرات قانونية”.
ما الذي يمكن فعله في مثل هذه الظروف؟ حتى لا تتفشى هذه الظاهرة على نطاق واسع؟ أحد الحلول هو تدريس الأطفال في المدرسة، أسباب هذه الظاهرة. و بالمثل يجب تعليمهم كيفية الدفاع عن حقوقهم. و أن يقولوا “لا ” عندما يجبرون من قبل آخرين على التسول. كاتالينا فلوريا، المديرة التنفيذية لجمعية “هاتف الطفل”:
“نتحدث عن أنشطة تعليمية من شأنها أن تزداد و تكثف في شهر سبتمبر من هذا العام بين صفوف الأطفال. و لثمة حاجة تتطلب أن يقوم بهذه الأنشطة التعليمية كوادر تربوية، خلال حصص الإشراف، على الأقل، يمكن تنفيذ مثل هذه الأنشطة. و من المهم أن توجد العقوبات واضحة جداً على الآباء الذين يجبرون أطفالهم على التسول. أنا لا أعني مجرد غرامات فقط. بل أعني أكثر من ذلك. أن تجعل طفلاً يتسول، يجب أن تكون جنحة يعاقب عليها القانون بالسجن، في رأيي. و طالما أن هذه الأسرة تعيش من ذلك، أما الموارد المالية للأسرة، يتم الحصول عليها باستخدام الأطفال بهذه الطريقة، فإن هؤلاء الآباء يستحقون السجن”
و وفقا لوزارة الداخلية، فإن القانون الجنائي الجديد، الذي سيدخل حيز التنفيذ في شهر فبراير/شباط 2014، ينص على عقوبات قاسية على الوالد أو الوصي الذي لديه طفل متسول. و تأمل السلطات بهذا الشكل تقليص ظاهرة تسول الأحداث.