موقع سارميزيجيتوسا الأثري
كان سارميزيجيتوسا ريجيا الاسم الذي أطلقه شعب داتشيا – السكان الأصليون لأراضي رومانيا الحالية على عاصمة بلادهم قبل بدء الاستعمار الروماني
Diana Baetelu, 27.09.2025, 15:30
كان سارميزيجيتوسا ريجيا الاسم الذي أطلقه شعب داتشيا – السكان الأصليون لأراضي رومانيا الحالية على عاصمة بلادهم قبل بدء الاستعمار الروماني إلى أن غير إمبراطور روما تراجان اسمها إلى سارميزيجيتوسا أولبيا ترايانا بعد استيلائه على داتشيا. أنقاض العاصمتين تمثل في يومنا هذا مواقع أثرية رئيسية في جبال أوراشتيا وسط رومانيا تعكس مدى تطور حضارة داتشيا الأصلية والتحولات التي شهدتها بعد خضوعها لسيطرة الإمبراطورية الرومانية . أهمية هذه المواقع الأثرية تنبع كذلك من ارتباطها الوثيق بتاريخ نشأة الشعب الروماني في العصر القديم وبقائه المتواصل في مختلف الحقب التاريخية.
كانت سارميزيجيتوسا ريجيا المدينة الواقعة وسط الجبال مركزا سياسيا وعسكريا ودينيا لشعب داتشيا وهو ما تدل عليه أنقاض المعابد التي بناها شعب داشيا هناك. أما أولبيا ترايانا سارميزيجيتوسا فهي العاصمة الجديدة لمستعمرة داتشيا الرومانية التي بناها الإمبراطور تراجان لتكون مركزا واقتصاديا وإداريا رئيسيا فيها .فموقع سارميسيجيتوسا الأثري يصور التحول الكبير الذي شهدته المنطقة في العصر القديم إثر تعاقب حضارة داتشيا مع حضارة روما القديمة بما يجمعه من آثارا تابعة لكلا الحضارتين في مكان واحد .
أصل كلمة “سارميزيجيتوسا” ومعناها ونطقها في لغة شعب داتشيا غير معروفة بدقة ولكن المؤرخين يعتقدون أنها تعني “الحصن على الصخرة” أو “الحصن العالي”. في البداية كانت سارميسيجيتوسا ريجيا مجمعا سكنيا ودينيا ولكن في وقت لاحق بنيت فيها سبعة حصون لتتحول إلى مجمع عسكري دفاعي .
اسم أولبيا ترايانا سارميزيجيتوسا أطلق على سارميزيجيتوسا ريجيا بعد أن أصحبت عاصمة مستعمرة داتشيا الرومانية إثر ثإصهزيمة شعبها في الحروب مع جيوش روما القديمة والتي دارت بين عامي 101-102 و105-106 قبل الميلاد على التوالي في عهد الإمبراطور الروماني تراجان .
عالم الآثار والمدير المؤقت للمتحف الوطني للتاريخ أوفيديو تسينتيا لديه المزيد من التفاصيل:
“نسميها أولبيا ترايانا سارميزيجيتوسا لأنها أول مدينة أنشأت في مستعمرة داتشيا بحسب الوثائق العائدة إلى العصر القديم وأيضا لأن هذا الاسم يحتوي كذلك على اسم عاصمة داتشيا ما قبل عصر الاستعمار الروماني أي سارميسيجيتوسا . تأسست أولبيا ترايانا سارميزيجيتوسا بعد الحروب بين شعب داتشيا والرومان القدامى وما تبقى منها من أثار وأنقاض لافت وبالغ الأهمية .فأولى الانقاض التي نشاهدها في مستهل زيارتنا لهذا الموقع الأثري الرائع هي أنقاض المدرج وبعض المعابد ثم نواصل المشاور ونصل إلى دوموس بروكوراتوريس الذي كان مقر وزارة المالية ثم بعد قليل نصل إلى ساحتين عامتين كبيرتين هما ساحة تراجان وساحة أنطونيوس بيوس حيث نشاهد معبد آلهة تدمر. زيارة الموقع الأثري تستغرق ساعتين على الأقل. علاوة على ذلك يمكن كذلك زيارة أنقاض المقبرة والمدرج الذي تم ترميمه مؤخرا. والجدير بالذكر أن المدرج مجهز لاستضافة العروض الفنية لكن كلاهما بعيدين نسبيا عن مركز الموقع الأثري”.
تحدث عالم الآثار أوفيديو تيسنتيا أيضا عن خصائص موقع أولبيا ترايانا سارميزيجيتوسا الأثري وعن آثار مرور سكان تدمر القدامى واستقرارهم في المنطقة بشكل مؤقت :”أول ما يتميز به الموقع أنه يحتضن أنقاض مبان ضخمة وعناصر معمارية مثيرة للاهتمام كالأعمدة والتيجان وما إلى ذلك .شخصيا تعمقت على مدى السنوات الماضية بحث أنقاض مبنى الكابيتول.فرغم أن هذه الأنقاض لا توضح لنا صورة شكله الأصلي إلا أنها توحي بأن المبنى كان ضخما للغاية ورائعا . أما معبد آلهة تدمر الذي انتهيت من بحثه للتو فيحتوي على العديد من النصوص المنقوشة التي تعرفنا بآلهة سكان تدمر القدامى الذين استقروا في المنطقة وكان معظمهم من الرماة والتجار .
فقد استقر سكان تدمر القدامى بالقرب من أولبيا ترايانا سارميزيجيتوسا حيث شيدت لهم نخبة المدينة عددا من المعابد أحدها في مركز المدينة . يمكن رؤية آثار بعض تلك المعابد في متحف سارميزيجيتوسا بالموقع الآثري . وتوجد آثار أخرى توجد في متحف ديفا مدينة في حين أن آثار المعابد التي التي اكتشف في القرن التاسع عشر معروضة في المتحف الوطني للتاريخ في بوخارست.”
عن المعابد والأماكن المقدسة في موقع سارميزيجيتوسا ريجيا قال أوفيديو تسينتيا:” هذه الأماكن موجودة داخل الأسوار الضخمة التي بناها الرومان بعد فتح داتشيا فالنقاش يدور حاليا عن مساهمة شعب داتشيا في بنائها في القترة ما بين الحملتين الرومانيتين على بلادهم. ولكن ما نعرفه بالتأكيد هو أن العديد من المعابد الرائعة بنيت بعد استيلاء روما على داتشيا وهي تدل على أن المكرز الديني الرئيسي وجد في تلك المنطقة بالذات .”
في الختام حدثنا الخبير عن النشاط الأثري في موقع سارميزيجيتوسا وعن أعمال الترميم الجارية فيه : “استمرت الحفريات بدون انقطاع لقرن من الزمان ولا تزال مستمرة محرزة نتائج مثيرة للغاية.علماء الآثار يعملون هناك في شهري يوليو وأغسطس.في الوقت الحالي توضع اللمسات الأخيرة على مشروع كبير لترميم الأثار الموجودة داخل السوارأسوار بتمويل نرويجي. في السنوات الأخيرة تم ترميم وتحديث الطريق المؤدي إلى الموقع الآثري وأُنشئ موقف سيارات جديد مما يسهل وصول السياح إلى المنطقة.”