منارات سولينا
بنيت أول منارة في مدينة سولينا في القرن الثامن عشر
Diana Baetelu, 06.12.2025, 15:30
منذ القدم والبحارة يحتاجون إلى المنارات لتحديد مواقع مركباتهم في البحر وتجنب الحوادث. ولكن في منطقة دوبروجا الرومانية المطلة على البحر الأسود ونهر الدانوب كانت المنارات شبه معدومة قبل القرن التاسع عشر باستثناء منارة واحدة كانت تقع عند مصب الدانوب في البحر بالقرب من مدينة سولينا الحالية. ولكن مع تطور التجارة في المنطقة أصبح إنشاء المنارات حاجة ملحة .
جورجي كومارزان العضو المؤسس لجمعية “اكتشف سولينا” ومعرض “سولينا القديمة” الخاص اطلع على تاريخ المنارات في منطقة دوبروجيا أقصى شرق رومانيا :”أول شهادة على بناء منارة في ميناء سولينا على الضفة اليسرى لنهر الدانوب تعود إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر وتؤكد أن العثمانيين هم من بنوها من الخشب في عام 1745.
كان البحارة يشتكون الباب العالي العثماني من جنوح السفن وغرقها وخسارة حمولتها بسبب عدم وجود إشارات ملاحية على الساحل ناهيك عن غرق العديد من البحارة في تلك الحوادث . فقرر بشير آغا، ممثل الباب العالي المسؤول عن مصب الدانوب ودلتاه بناء أول منارة في مدينة سولينا. و في عام 1802 تم إصلاح المنارة ولكنها دمرت في حريق ضخم إبان الحروب الروسية التركية بين عامي 1826 و1829 .”
دخول روسيا منطقة خاضعة للنفوذ العثماني منذ مئات السنين ساهم في تطوير وتحسين البنية التحتية للمنطقة الساحلية: “في عام 1829 بدأت سيطرة روسيا القيصرية على مدينة سولينا. وقد تعهد الروس بموجب معاهدة أدرنة للسلام ببناء منارة في سولينا للبحارة وملاك السفن. وقد بدأت أعمال البناء في عام 1838 وانتهت في شهر أكتوبر تشرين الأول من عام 1841 . كانت المنارة تحتوي على ثلاثة عشر مصباحا حراريا تعمل بغاز المصباح. وكان بالإمكان رؤية ضوء المنارة من مسافة خمسة عشر ميلا بحريا. إبان حرب القرم قصفت السفن الحربية البريطانية ميناء سولينا فتضررت المنارة جراء القصف والنيران فأخرجت من الخدمة. وبعد انتهاء حرب القرم تأسست لجنة الدانوب الأوروبية بموجب معاهدة باريس للسلام الموقعة في عام 1856.”
كانت لجنة الدانوب الأوروبية أول مؤسسة من نوعها في أوروبا وجعلت من تحويل الدانوب إلى وسلية تقارب بين الأوربيين هدفا رئيسيا لها .وقد بنت المفوضية منارة جديدة في سولينا:”بين عامي 1869 و1870 قامت لجنة الدانوب الأوروبية ببناء منارة وفق مخططات المهندس الإنكليزي تشارلز هارتلي تحت إشراف ويليام سيمبسون على الضفة اليسرى لنهر الدانوب عند مصب النهر في البحر وعرفت ب”المنارة القديمة على السد الشمالي”.
كانت المنارة وهي مزودة بإشارة حمراء ترشد السفن التي دخلت إلى ميناء سولينا. كانت أساسيات المنارة تستند إلى أعمدة من خشب البلوط وكتل خرسانية. وقد أخرجت المنارة من الخدمة في عام 1925 بعد تطويل السدود في البحر حتى أصبحت هي إشارة ملاحية إلى مصب النهر.”
تجارة الحبوب والأخشاب زادت من دينامية المنطقة . ففي منتصف القرن التاسع عشر استعادت الإمبراطورية العثمانية المواقع التي كانت خسرتها في حوض الدانوب السفلي وقامت بترميم منارة سولينا:”تولى العثمانيون إدارة المنارة فقاموا بترميمها وإعادة تشغيلها لكنهم سلموها للجنة الدانوب الأوروبية في عام 1879 وهي في حالة جيدة. في عام 1910 تم استبدال مصابيح الغاز بمصابيح الأكسجين والأسيتيلين وفي عام 1939 سلمت لجنة الدانوب الأوروبية المنارة بكل ما فيها من معادت وأجهزة إلى الدولة الرومانية أثر تأسيس مديرية الدانوب وانسحاب لجنة الدانوب الأوروبية.
في الحرب العالمية الثانية نجت المنارة من قصف الطيران السوفيتي واستمرت في العمل. في عام 1970 تم تحديث نظام إضاءتها باستبدال الإضاءة بالأكسجين والأسيتيلين بالإضاءة الكهربائية. وفي السادس من يانير كانون الثاني من عام 1986 أخرجت المنارة من الخدمة نهائيا على اعتبار أنها لم تعد تلبي احتياجات الملاحة الحديثة .”
قي نهاية القرن التاسع عشر أنشئت في سولينا منارة جديدة: “بين عامي 1877 و1883 بنيت منارة جديدة عند مصب النهر لا تزال تعمل حتى اليوم. تقوم أساسياتها على خمسة وثلاثين عمودا من الفولاذ والخرسانة على عمق ثلاثين مترا . يبلغ ارتفاع المنارة الجديدة ثمانية وأربعين مترا ويمكن رؤيتها من مسافة تسعة عشر ميلا بحريا.”
توجد في مدينة سولينا اليوم أربع منارات تعكس التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية التي شهدتها المنطقة على مر العصور. وقد أصبحت المنارة التي بنتها لجنة الدانوب الأوروبية متحفا وفتحت أبوابها للزوار في عام 2024 .