الحاكم غيكا عاد إلى الوطن
أُعيد رفات الحاكم/ غريغوري أليكساندرو غيكا، الشخصية التاريخية اللامعة خلال القرن التاسع عشر، إلى رومانيا.
Bashar Kishawi (بشار القيشاوي), 11.11.2025, 20:43
شخصيةٌ شبه مجهولة للعامة، آخر حاكم لإمارة مولدوفا الرومانية (شرق البلاد)/ غريغوري أليكساندرو غيكا، يحظى خلال هذه الأيام بتكريمٍ متأخر. جلب رفاته إلى الوطن لا يمثل مجرد استعادة رمزية، بل يُمثل لفتة امتنانٍ وطني، لزعيمٍ أرسى أسس الدولة الرومانية الحديثة – كما تؤكد السلطات في بوخارست. بعد استخراج رفاته في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني من منطقةٍ قرب العاصمة الفرنسية – باريس، حيث قضى الحاكم آخر أيامه في المنفى، نُقل نعشُهُ الذي يضُمُّ رُفاتَه إلى بوخارست بالتزامن مع تنظيم مراسم عسكرية، حيث وُضع في مقر الرئاسة. وهناك، نظمت مراسمٌ تأبين بمشاركة رئيس الدولة/ نيكوشور دان، الذي وضع إكليلا من الزهور، وأضاء الشموع.
“تاريخ مولدوفا هو جزء من تاريخ رومانيا. منذ العصور الوسطى، كانت مولدوفا أيضًا تسمى والاشيا الصغرى، كدليل على الهوية المشتركة سواءً من ناحية: اللغة، أو الثقافة، أو الأمة” – ذكر الرئيس الحالي للدولة الرومانية، واختتم قائلاً: “مرحبًا بعودة سُمُوك إلى أرض الوطن!”. أحداث وفعاليات خاصة نظمت بمناسبة إعادة النعش إلى فوكشان (جنوب- شرق رومانيا)، وهي المدينة التي لمدة عدة قرون كانت موجودة على الحدود بين الإمارتين الرومانيتين: والاشيا ومولدوفا. رُفات غريغوري أليكساندرو غيكا سيدفن، يوم الأربعاء، في مدينة ياش (شمال- شرق رومانيا)، العاصمة السابقة لمولدوفا، بالقرب من الكنيسة الأرثوذكسية التي رُسم فيها حاكمًا.
غريغوري أليكساندرو غيكا وُلد عام 1804، لعائلة ثرية محترمة، واعتلى العرش، لفترة قصيرة بين عام 1849 وعام 1856، مع انقطاع قصير. المؤرخون يصفونه بأنه أحد أكثر الشخصيات السياسية ثاقبة الرؤية في القرن التاسع عشر. كان مناضلاً داعياً إلى الوحدة، مهد الطريق لاتحاد الإماراتين الرومانيتين عام 1859، وعزز القيم الأساسية للمجتمع الحديث، مثل: الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. كما دعم إصلاحات شجاعة، من بينها تحرير العبيد والغجر – قبل وقت طويل من إلغاء العبودية في الولايات المتحدة – وألغى الرقابة، وعمل على تطوير الخدمات العامة، وعلى إدخال نموذج حكومي مستوحى من الديمقراطيات الأوروبية الكبرى. افتتح أول مستشفى للولادة في مولدوفا من ثروته الخاصة. دعم إنشاء مدرسة هندسة للطرق وأخرى للمباني. أسس الدرك، على غرار النموذج الفرنسي في تلك الحقبة. خفض الضرائب والرسوم، ودعم التجارة الحرة.
مروجٌ للقيم الغربية في حقبة مضطربة، عندما كانت السيطرة على الإمارات الرومانية محل نزاع بين الإمبراطورية العثمانية وروسيا القيصرية، وكلتاهما دولتان مناهضتان للحرية، أرسل الحاكم أحد أبنائه للدراسة في ألمانيا. وفي الأسابيع الأخيرة من فترة حكمه، أيد الحاكم غيكا بشدة اتحاد الإمارتين. وبعد أن أجبرته القوى العظمى، في تلك الحقبة، على التنازل عن العرش، والذهاب إلى المنفى، سافر عبر نهر الدانوب إلى بيستا، ثم بالقطار إلى برلين، لتجنب المرور بفيينا، نفورًا من الإمبراطورية النمساوية، وموقفها المناهض للوحدة. في 3 أغسطس/ آب 1856، وصل إلى باريس، حيث استقبله الرومانيون في المنفى بحفاوة، كمناضل من أجل الوحدة. وبعد عام واحد فقط، انتحر، بعد أن عانى من وهن عصبي، لم يُعالَج جيدًا.