أوروبا – القارة الأكثر احترارا
دمرت الحرائق في عام 2025 أكثر من مليون هكتار من الأراضي في الاتحاد الأوروبي وهي أكبر مساحة حرائق في سنة واحدة منذ بدء التسجيلات
Diana Baetelu, 15.09.2025, 15:30
دمرت الحرائق في عام 2025 أكثر من مليون هكتار من الأراضي في الاتحاد الأوروبي وهي أكبر مساحة حرائق في سنة واحدة منذ بدء التسجيلات رسميًا عام 2006 . وتسببت الحرائق في انبعاث أكثر من ثمانمائة وثلاثين مليون طن من ثاني أكسيد الكربون وفقا لتقارير النظام الأوروبي للمعلومات حول حرائق الغابات في بلدان ا لاتحاد الأوروبي. وعزا الخبراء انشتار حرائق النباتات إلى ظروف مناخية مواتية أهمها انخفاض كميات الأمطار في الشتاء بنسبة أربعة عشر بالمائة وارتفاع درجات الحرارة في الصيف بنسبة ثلاثة عشر بالمائة. وكل هذا بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
إلى جانب الخسائر المادية تشمل عواقب الموجات الحارة خسائر كبيرة في الأرواح أذ أظهر تقرير حول آثار الحرارة الشديدة نشرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة في شهر آب أغسطس الماضي أن الموجات الحارة كانت السبب الرئيس وراء وفاة أربعمائة وتسعة وثمانين ألف شخص سنويا بين عامي 2000 و 2019 وأن ستة وثلاثين بالمائة من تلك الوفيات حصلت في أوروبا وحدها . وحثت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية الدول على التحرك بشكل عاجل من أجل التكيف مع تغير المناخ والحد من الاحتباس الحراري التزاما بنصوص اتفاقية باريس حول المناخ لعام 2015.
الأمين العام المساعد للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية كو باريت لاحظ “أن الحرارة الشديدة تسمى أحيانا بالقاتل الصامت ولكنه ذكر بأنه قد بات بالإمكان تجنب كل واحدة من الوفيات الناجمة عن الحرارة الشديدة اعتمادا على المكتسبات العملية والتكنولوجيا المتطروة . وأكد المسوؤل الأممي “أن صمت الحرارة المرتفعة لم يعد عذرا مقبولا ” على حد قوله . وفي هذا السياق ذكر بأن المنظمة تعتقد أن استخدام أنظمة كشف الحرارة و إنذار الحريق ولو في سبع وخمسين دولة فقط يمكن أن ينقذ حياة ما يقارب مائة ألف شخص سنويا.
إننا لا نواجه مشكلة مناخية فحسب بل أيضا حالة طوارئ صحية عامة بحسب الخبراء. فقد أجمعت الدراسات والهيئات العلمية على أن وتيرة الموجات الحارة
وشدتها في تعاظم في أوروبا التي باتت أكثر وأسرع القارات احترارا وفقا للتقارير الصادرة عن مرصد كوبرنيكوس الأوروبي. من جانبها خلصت دراسة جامعية ألمانية رومانية استعرضت الموجات الحارة بين عامي 1921 و2021 إلى وجود “زيادة ملحوظة في وتيرة هذه الموجات في معظم المناطق الأوروبية برزت على وجه خاص على مدى الثلاثين عاما الماضية”.
الدكتورة روكسانا بوجاريو خبيرة المناخ لدى الإدارة الوطنية للأرصاد الجوية تطرقت في مقابلة مع راديو رومانيا إلى تزايد وتيرة وشدة مظاهر الطقس المتطرفة في رومانيا نتيجة تغير المناخ ولاحظت أن الوضع لا يختلف في رومانيا عما هو عليه في سائر بلدان العالم :” عدد الأيام الحارة في تزايد في رومانيا عاما بعد عام وخاصة في جنوب وغرب البلاد. فدرجات الحرارة ترتفع عموما بوتيرة ثابتة وبشكل أكبر في الصيف وثم في الشتاء. الشيء نفسه ينطبق على المواسم الانتقالية في رومانيا لكن ارتفاع درجات الحرارة أثناء تلك المواسم عادة يكون أقل حدة مقارنة بموسم الصيف مما أدى إلى تزايد وتيرة الموجات الحارة واشتدادها وإطالة أمدها مقارنة بالعقود الماضية من جهة وحلولها مبكرا من جهة آخرى.”
كان العام الماضي العام الأكثرسخونة في التاريخ إذ أظهرت القياسات أن الفترة ما بين شهري آب أغسطس من عام 2024 ويوليو تموز عام 2025 شهدت ارتفاعا لدرجات الحرارة بمقدار واحد فاصلة ثلاثة وخمسين درجة مئوية مقارنة بما كانت عليه قبل العصر الصناعي متجاوزة حد الواحد فاصلة خمسة لارتفاع درجة حرارة الأرض المتفق عليه في اتفاقية باريس حول تغير المناخ بهدف الحد من احترار الأرض. ويعزو الخبراء تغير المناخ إلى انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري.
أظهرت البيانات أن الاتحاد الأوروبي يخسر بسبب مظاهر تغير المناخ ستة فاصلة أربعة بالمائة من إنتاجه الزراعي السنوي أي ما يعادل ثمانية وعشرين مليار يورو منه سبعة عشر مليارا وأربعمائة مليون يورو هي قيمة خسائر المحصايل الزراعية ونحو أحد عشر مليارا أخرى هي قمية خسائر قطاع تربية المواشي.. كما أن نسبة ثمانين بالمائة من الخسائر الزراعية المرتبطة بتغير المناخ في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي تعزى إلى الجفاف والصقيع والبرد والأمطار الغزيرة إلا أن أخطر تلك المظاهر هو الجفاف الذي يتسبب في أكثرمن نصف حجم الخسائر المسجل. الحالة المناخية المثالية هي أن تهطل الأمطار بتواتر وغزارة معينين ولكن هذا لا يحدث في الواقع للأسف بمعنى أن الأمطار إما لا تهطل على الإطلاق أو إن هطلت فليس بالكميات المطلوبة لإزالة آثار الجفاف.
زيادة كثافة هطول الأمطار ظاهرة أخرى مرتبطة باحترار الأرض بحسب خبيرة المناخ روكسانا بوجاريو:” المشكلة أن زيادة كثافة هطول الأمطار لا تعني بالضوروة أن الأمطار تهطل بكميات كبيرة بحيث توفر للتربة موارد المياه التي تحتاجها ذلك أن الأمطار تتساقط بغزارة في وقت قصير جدا فقط لا يكفيها للتسرب إلى التربة فتسيل على سطح الأرض حيث تجر جزءا من التربة الخصبة متسببة في تآكلها”.
لا تزال الأهداف المتعلقة بمكافحة الاحتباس الحراري واحترار الأرض طموحة ولكن في عضون ذلك يتسع نطاق الموجات الحارة في أرجاء أوروبا وتتزايد مدتها على مدار السنة.