التضليل في عصر الذكاء الإصطناعي
تتداول المعلومة بسرعة مذهلة بحيث بات بإمكان أي شخص إيصال رسالة إلى عدد كبير من الناس على الفور
Diana Baetelu, 15.12.2025, 15:30
تتداول المعلومة بسرعة مذهلة بحيث بات بإمكان أي شخص إيصال رسالة إلى عدد كبير من الناس على الفور بينما توزع شبكات التواصل الاجتماعي المعلومات والأفكار بوتيرة لم يكن من الممكن تصورها حتى وقت قريب. ولكن مع ارتفاع سرعة نقل المعلومات تنامى أيضا التضليل الإعلامي وهي ظاهرة عالمية غالبا ما تكون ممولة ومنسقة واصبح قادرا اعلى التأثير على الانتخابات وإحداث تصدعات في المجتمعات والتوتر في العلاقات الدولية. الخبراء يصفون التضليل الإعلامي بأنها حرب فكرية وإدراكية غير مرئية
الأستاذة الجامعية الدكتورة ألينا برغوانو هي عضو المجلس الاستشاري للمرصد الأوروبي للإعلام الرقمي وخبيرة مكافحة التضليل الإعلامي: قالت بهذا الصدد: ” ما أود الإشارة إليه منذ البداية هو أن الأدوات المستخدمة في الحرب المعلوماتية تتنوع باستمرار ومنها التضليل والدعاية وحملات التأثير العدائية والهجمات الإلكترونية والحرب الخوارزمية وجمع البيانات من أجل الاستهداف الدقيق والتخصيص المفرط. نحن لا نتحدث عن التضليل فحسب بل عن أنواع كثيرة من الأدوات الأكثر تعقيدا.هذا أولا. ثانيا يطلق على الحرب المعلوماتية أحيانا الحرب غير المرئية وهذا الوصف صحيح ولكن جزئيا فقط . لذلك أن الحرب المعلوماتية نوع خاص من المواجهة كونها خفية ومرئية في نفس الوقت.
على سبيل المثال السرديات العدائية تجاه الغرب هي في كل مكان دون أن تكون موجودة بالفعل في مكان معين. وهذا ما نلاحظه أثناء أحاديثنا مع الأصدقاء أو الزملاء حيث نلمس تأثر بعضهم بهذه السرديات ويصعب علينا أن نحدد بدقة أين سمعنا تلك السرديات ومتى. لذا فإن الحرب المعلوماتية مرئية وغير مرئية في آن واحد.أعتقد أن المستهدفين الرئيسين من عمليات الحرب السياسية والمعلوماتية هما حلف الاطلسي والاتحاد الأوروبي مع تركيز خاص على بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي . فالباحث الذي يراقب هذه الظاهرة يفاجأ بمدى تطور التقنيات جودة تدريب الخوارزميات وكثرة استخدامات الذكاء الاصطناعي.”
إذا كان التلاعب يحتاج في الماضي فرق عمل كبيرة جدا والكثير من الوقت والموارد الهائلة إلا أن ديناميات حرب المعلومات تغيرت بشكل جذري بعد البدء باستخدام الذكاء الاصطناعي بحيث بات في مقدور شخص واحد إنشاء آلاف الرسائل المقنعة في غضون ساعات قليلة. ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة تغير العالم مرة أخرى. ألينا بارغاونو:الذكاء الاصطناعي يسمح بتوليد المحتوى بسرعة فائقة وبمزيد من المرونة والقدرة على التكيف مع المستخدمين المحليين . كما أن الذكاء الاصطناهي قادر على تأليف القصص وحايكة المؤامرات بمفدره دون تدخل العنصر البشري وتنويع المتحويات لتكون مكتوبة أو مسموعة أو مرئية أو الثلاثة معا.
من جانب آخر يتحدث الخبراء عما يسمى “تلوث نماذج اللغة الكبيرة”. .ماذا يعني ذلك؟ إنه يعني أن الفضاء الإلكتروني يغرق بأفكار مضللة وأخبار عن أحداث وهمية وأباطيل وأكاذيب وآراء كثيرة بعضها ملتهب للغاية ليس للفت انتباه المستخدم بل لتلويث نماذج اللغة الكبيرة وفرض إجابات معينة عند سؤال تشات جي بي تي.
على سبيل المثال إذا سألنا عن أسباب الغزو الروسي لأوكرانيا فإن روبوت الدردشة يجبر بإعطاء إجابة معينة تعتمد على الروايات التي تم ضخها فيه . في المقابل البحث على غوغل يمكن أن يوفر روابط تكرر الخطاب الرسمي للكرملين ولكن وجود أكثر من رابط يتحيح للمستخدم الاطلاع على أكثر من إجابة والتحقق منها وهذا غير متاح عند استخدام تشات جي بي تي .”
أوضحت ألينا بارغويانون أيضا أن دراسة أجراها معهد الحوار الاستراتيجي اعتمدت على طرح أسئلة حول أوكرانيا على أكبر نماذج اللغة وهي تشات جي بي تي و غروك و جيمني وديب سيك أظهرت أن نسبة ثمانية بالمائة من الإجابات التي قدمتها هذه النماذج الأربعة كانت متوافقة مع الخطاب الرسمي الروسي لأن النماذج الأربعة استوعبت فقط تلك الإجابات.