لماذا يتباطأ اقتصاد رومانيا؟
لا يخفى على أحد أن وضع الاقتصاد الروماني غير مريح على الإطلاق
Diana Baetelu, 22.12.2025, 15:30
لا يخفى على أحد أن وضع الاقتصاد الروماني غير مريح على الإطلاق. لا على المواطنين المضطرين إلى التكيف مع معدل تضخم هو الأعلى في الاتحاد الأوروبي ولا على رجال الأعمال المتأثرين بالضغط التضخمي المتزايد وعدم الاستقرار الاقتصادي والجيوسياسي الذي يجعلهم يشككون في مستقبل أعمالهم ويدفعهم إلى توخي المزيد من الحذر في سلوكهم الاستثماري. في عضون ذلك يتعين على الحكومة إيجاد حلول ناجعة للمعضلة الاقتصادية كثيرة المتغيرات.
رغم أن الوضع الاقتصادي الراهن يبدو معقدا إلا أن أسبابه بسيطة للغاية إذ تكمن في انخفض الاستهلاك الذي كان على مدى السنوات الماضي محركا رئيسا للنمو الاقتصادي والذي تأثر بدوره من ارتفاع التضخم و زيادة الرسوم والضرائب في منتصف العام الجاري من جهة وارتفاع العجز في الميزانية بشكل متواصل منذ عدة سنوات من جهة أخرى . إذ تشير الإحصاءات إلى أن التضخم كان في رومانيا في أكتوبر تشرين الأول الماضي أعلى ثلاثة أضعاف عن المعدل الأوروبي بينما يتوقع البنك المركزي في بوخارست ارتفاعا جديدا لهذا المؤشر بحلول نهاية العام الجاري بسبب تحرير أسعارالطاقة وزيادة ضريبة القيمة المضافة.
كريستيان باون الأستاذ الجامعي في أكاديمية بوخارست للدراسات الاقتصادية : “التضخم التراكمي السنوي سيبقى مرتفعا في الأشهر الأولى من العام القادم بكل تأكيد بعد أن ظهرت أولى الإشارات بهذا الشأن في شهر آب أغسطس الماضي عقب زيادة بعض الضرائب و الرسوم . لذا فأتوقع استمرار المنحنى التصاعدي لمعدل التضخم حتى شهري يوليو تموز أوأغسطس آب من العام القادم. ولكن إذا قررت الحكومة زيادة الضرائب والرسوم من جديد في مطلع العام القادم فإن أسعار السلع والخدمات سترتفع مرة أخرى.
في الوقت الحالي لا يزال معدل التضخم مرتفعا في رومانيا ولكنه يضاف إلى معدلات السنوات الماضية ليصبح بحد ذاته ضريبة على ضريبة. لذا فإن الرومانين وخاصة ذوي الدخل المحدود والمتدني هم الأكثر عرضة لتداعيات هذه الظاهرة. أعتقد أن الأمور ستتغير على الأقل من ناحية الأوضاع المعيشية التي ستتأثر بشدة بهذه التطورات.”
تشير توقعات المفوضية الأوروبية الصادرة في الخريف الماضي إلى أن اقتصاد رومانيا سيتباطأ في العامين المقبلين نتبجة الإجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة لخفض عجز الموازنة وهو الأعلى في الاتحاد الأوروبي.
وأضافت بروكسل أن هذه الإجراءات كانت ضرورية لتحقيق استقرار المالية العامة وستؤدي إلى نمو اقتصادي سليم وملموس ابتداء من عام 2027. ولكن في غضون ذلك ستكون لها آثار على الشركات والسكان في العام المقبل أيضا لا سيما في ظل نمو اقتصادي يتوقع أن يبقى متواضعا أي بحدود واحد بالمائة فقط.
توقعات الخبراء الرومانيين لا تختلف عن تقديرات المفقوضية الأوروبية فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي ولكن بعضهم لا يستبعد حدوث ركود اقتصادي بحسب نتائج استطلاع أجرته منظمة مختصة غير ربحية في رومانيا تجمع خبراء ومختصين بالشؤون الاقتصادية. فبحسب نتائج الدراسة فإن معدل التضخم قد يتراجع من تسعة فاصلة ثمانية بالمائة في أكتوبر تشرين الاول من عام 2025 إلى ستة بالمائة بحلول نهاية العام القادم .أما عجز الموازنة فقد يتجاوز ثمانية فاصلة خمسة بالمائة في عام 2025 لكنه سينخفض العام المقبل إلى سبعة بالمائة حسب أكثر التوقعات واقعية.
من جانبه أعرب محافظ البنك المركزي في بوخارست موغور إساريسكو مؤخرا عن ثقته بأن النمو السلبي المسجل في الربع الثالث من العام الجاري لن يستمر لربعين أخرين متتاليين.
الأستاذ الجامعي كريستيان باون : ” يعرف تراجع الاقتصاد لربعي سنة متتاليان بالركود. لقد شهدت رومانيا بالفعل ركودا افتصاديا في الربع الثالث من العام الجاري .وربما سيستمر هذا الاتجاه في الربع الرابع أيضا غير أن موسم العطلات الشتوية عادة ما يشهد زيادة الاستهلاك. من ناحية أخرى لا بد من التذكير بأن الربع الرابع هو فترة ركود في القطاع الزراعي تنخفض فيها القيمة المضافة بصورة عامة.كذلك شأن قطاع البناء وهذا يعني أن القيمة المضافة ستكون أدنى في الربع الرابع من العام الجاري في قطاعين اقتصاديين على الأقل وبالتالي فإن الناتج الإجمالي هو الآخر سيكون أدنى في الربعين الثالث والرابع من العام الجاري وكذلك في الربع الأول من العام القادم .لذا فمن المرجح ألا يكون النمو الاقتصادي مرتفعا بل أن يبقى بحدود واحد بالمائة ما يمثل ثلث ما كنا نتوقعه عند وضع الميزانية العامة مطلع هذا العام .
خلاصة القول إن رومانيا تشهد ما يسمى بالركود التضخمي في الاقتصاد وهو ركود مصحوب بالتضخم يؤدي إلى انخفاض الطلب في العديد من القطاعات الاقتصادية وتراجع المبيعات .إنه مناخ اقتصادي لا يسمح لأصحاب العمل بزيادة الأجور بمعدل التضخم.”
بعبارة أخرى فإن القدرة الشرائية للمواطنين وخاصة لموظفي القطاع الخاص ستنخفض بشكل ملحوظ في الفترة المقبلة.