رومانيو الشتات وأطفالهم وحاجتهم إلى فهم هويتهم الوطنية
أظهرت دراسة اجتماعية نشرت في عام 2023 أن التمييز العرقي والخشية من فقدان الهوية القومية يعدان من بين أهم المخاطر التي تواجه رومانيي الشتات

Diana Baetelu, 04.06.2025, 15:30
الهجرة تحدث صدمة ثقافية شديدة للعديد من المغتربين . فقط أظهرت دراسة اجتماعية نشرتها في عام 2023 دائرة الرومانيين في كل مكان التابعة للحكومة أن التمييز العرقي والخشية من فقدان الهوية القومية يعدان من بين أهم المخاطر التي تواجه روماني الشتات بحسب أجوبة المشاركين في الدراسة وهم يعيشون حاليا في إسبانيا وإيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وإسرائيل وفرنسا والنمسا وبلجيكا. وكان الرومانيون في المملكة المتحدة من تحدثوا عن صعوبة الاندماج في البلد المضيف أكثر من سواهم من المغتربين الرومانيين .
ألينا دوليا المحاضرة في جامعة بورنموث بالمملكة المتحدة بحثت وضع الرومانيين في المملكة المتحدة منذ عام 2019. وبعد العديد من المقابلات خلصت إلى أن البرامج المخصصة للرومانيين في الشتات يجب أن تركز على تكوين مهارات التفاعل مع الثقافات الأخرى : “البرامج المخصصة للشتات يجب أن تساعد على تعزيز فهم المغتربين للثقافة الرومانية وأن تركز على تكوين مهارات التفاعل مع بين الثقافات الأخرى لأن الهجرة هي في الواقع صدمة ثقافية أيا كانت الدولة التي يتجهون إليها سواء ذهبوا إلى إيطاليا أوإسبانيا أوألمانيا أو المملكة المتحدة لأنها ثقافات مختلفة وبلدان مختلفة لها تاريخ مختلف.
ولكن من جانب آخر لماذا يشعر المغتربون الرومانيون في المملكة المتحدة بصدمة ثقافية وهم في بلد يتميز بتنوع واسع كان في الماضي إمبراطورية كبرى وله تاريخ إمبراطوري واستعماري. وفي المدارس البريطانية نلاحظ من اللحظة الأولى أن فيها تلاميذ مختلفي العرق يتحدثون لغات مختلفة. فإذا اتضح أن إلرومانيين في المملكة المتحدة لم يفهموا هذه الحقيقة فمعنى ذلك انه يتعين علينا أن نحدثهم عن الحقوق والمسوؤليات والواجبات ولكن أيضا أن نوفر لهم التعليم الثقافي وأن نشرح لهم ما هي الثقافة الرومانية والبريطانية وكيف تكونتا ؟ يجب عليهم أن يفهموا هذه الأمور بشكل أفضل”.
تحدثت الباحثة أيضا عن ضرورة تحسين أدء مدارس نهاية الأسبوع المدرجة في البرامج الدراسية في المملكة المتحدة من أجل تنويع أنشطتها لتشمل – على سبيل المثال مادة ” مساهمة الرومانيين والجنسيات الأخرى في الثقافة البريطانية.” كما شددت ألينا دوليا على ضرورة تحديث البرامج الثقافية وجعلها أكثرملاءمة لشباب اليوم نظرا لمساهمتها في تعزيز الفخر بالوطن على أسس سليمة قائمة على فهم التنوع.
المدارس البريطانية تحتفل بالمناسبات الثقافية للأعراق الأخرى ومن بينها مهرجان ديوالي ومختلف المهرجانات الثقافية والدينية للإثنيات الأخرى. ففي إحدى تلك المناسبات دعي أطفالي للحضور والتحدث عن رومانيا. فإذا بابني يقول لي : “بحثت على غوغل فأول خبر عن الرومانيين وقعت عليه عيني يفيد بأن الرومانيين هم من بين أكبر مستهلكي المشروبات الكحولية في أوروبا.” لكن هناك أمورا وشخصيات كثيرة في رومانيا يمكن التحدث عنها مثل أمير مولدوفا في القرون الوسطى شتيفان العظيم والشاعر ميهاي إمينسكو إلى جانب رموز أخرى للثقافة الحديثة والمعاصرة بالإضافة إلى المعالم التاريخية والحصون والقلاع والأديار المرسومة العائدة إلى القرون الوسطى التي أدرجت في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو بالإضافة إلى محمية دلتا الدانوب الفريدة من نوعها .”
فيما يتعلق بالهوية الوطنية فإنه من الأهمية بمكان أن نشرح للشباب المغتربين الذين نشأوا في الخارج أن العادات والتقاليد الرومانية متنوعة للغاية لان رومانيا وقعت عبر التاريخ عند متلقى ثلاث إمبراطوريات ترك كل منها بصماته على مختلف المناطق . ألينا دوليا: “يتكون الشتات بصورة عامة من جيل واحد من المهاجرين ولكن جيلا ثانيا آخذ في الظهور.فالأطفال الذين يتلقون تعليمهم في الشتات وهم في مرحلة المراهقة يبحثون عن هويتهم. وأحد الأسئلة الطبيعية التي يطرحونها على أنفسهم هو “من انا؟” . في نهاية المطاف يتعلق الأمر بالشعور بالانتماء إلى مجموعة معينة وهذا أمر طبيعي للغاية
ولكننا لا نفعل شيئا لمساعدتهم . وما قد يساعدهم كثيرا هو توفير الموارد الثقافية لهم لمساعدتهم على شرح تاريخ رومانيا لأطفالهم وتقديم صورة واقعية عن رومانيا بعيدا عن السرديات المثالية التي تصورها على أنها بلد غني بالثروات فيه كل أنواع ضاريس الأرض. ولكن بالإضافة إلى ذلك عليك أن تشرح لأطفالك أن رومانيا قامت عند ملتقى ثلاث إمبراطوريات كبرى لا تزال بصماتها جلية للعيان . كما عليك أن تحدثهم عن السياسات التي اتبعتها رومانيا في الحقبة الشيوعية لطمس الهوية الوطنية للأقليات العرقية وأن العديد من أبناء الإثنيات الأخرى غادروا رومانيا ولكن لا يزال هناك تنوعا عرقيا في رومانيا وأن النظام الشيوعي الذي حكم البلاد لمدة خمسة وأربعون عاما أجبر أبناء الإثنيات الأخرى على أن يتحولوا إلى الرومانيين .”
قال معظم المغتربين الذين شاركوا في الدراسة إنهم لا يرغبون في العودة إلى رومانيا. والأسباب عديدة ومن بينها صعوبة التكيف مع نمط الحياة السائد فيها وانعدام الأمل في مستقبل أفضل لأطفالهم.