مستقبل مولدوفا الأوروبي بعد فوز حزب العمل والتضامن بالانتخابات التشريعية
في شهر سبتمبر أيلول الماضي جرت في جمهورية مولدوفا انتخابات تشريعية كانت نتيجتها تعتبر حاسمة لتحديد المسار الذي ستتبع البلاد في الفترة المقبلة
Diana Baetelu, 13.10.2025, 15:30
في شهر سبتمبر أيلول الماضي جرت في جمهورية مولدوفا انتخابات تشريعية كانت نتيجتها تعتبر حاسمة لتحديد المسار الذي ستتبع البلاد في الفترة المقبلة إما نحو تعزيز التقارب مع الاتحاد الأوروبي وإما نحو تأجيله . فمنذ سنوات وجمهورية مولدوفا عقدت على الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوربي الأمل في تحقيق الاستقرار والرفاهية والأمن. والآن باتت فرصة مواصلة المسار الأوروبي أقرب إلى الواقع مع الفوز التاريخي لحزب العمل والتضامن المؤيد لأوروبا بالانتخابات التشريعية الأخيرة وإحرازه أكثر من نصف مقاعد البرلمان وهو فوز بمثابة ضامن لاستمرار الإصلاحات التي تطالب بها بروكسل والهادفة إلى تحقيق استقلال القضاء ومكافحة الفساد وتحديث المؤسسات .
ما هي الصعوبات التي تواجه مساعي جمهورية مولدوفا إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ؟ سورين إيونيتسا خبير السياسات العامة :”لطالما كان هذا الطريق صعبا ولذا فلا أعتقد أنه يمكننا تحديد موعد الانضمام من الآن بيد أن الحديث يدور حاليا حول عام 2030 . ومع ذلك ما أعتبره أمرا إيجابيا للغاية بهذا الصدد هو أن الفرصة سانحة لمواصلة المسار الأوروبي والبدء بمفاوضات انضمام حقيقية وإجرائها في السنوات الأربع المقبلة على الأقل افي ظل حكومة مستقرة.
إنه كان الخيار الوحيد الذي لا ثاني له لأن أي نتيجة أخرى للانتخابات التشريعية الأخيرة كانت ستعيق المسار الأوروبي إلى الأبد. فقد شهدنا ماذا يعني الخيار الثاني في غرب البلقان حيث رأينا أن عدم اغتنام الفرصة لحظة توفرها وانتظار فرصة ثانية لا أحد يدري متى ستكون سانحة إن كانت ستكون سانحة مرة أخرى يؤدي إلى ضياع الفرصة نهائيا . لذا فإن السيناريو الأوروبي لمولدوفا على أحسن ما يرام ومع ذلك لن تكون مفاوضات الانضمام سهلة خاصة المفاوضات حول الملفات التقنية.“
الأحزاب المولدوفية المعارضة تتحدث عن تكاليف التكامل وتحاول استغلال خشية المواطنين من التغييرات الاقتصادية والاجتماعية لإثارة مشاعر سلبية تجاه الانضمام . في غضون ذلك لا تزال روسيا تسيطر على إقليم ترانسنيستريا الانفصالي للناطقين بالروسية في شرق جمهورية مولدوفا .
وقائع لا بد أن تكون دافعا إضافيا للسلطات المولدوفية لتحويل تعهداتها بإصلاح القضاء والإدارة والاقتصاد إلى حقيقة قائمة على الأرض . روفين زامفير خبير الاتصالات الاستراتيجية المولدوفي :”علينا أن نعمل على توعية المواطنين بنقاط ضعف المجتمع المولدوفي التي يمكن لروسيا استغلالها لتحقيق مصالحها . ما أقصده بذلك أن هناك في المجتمع المولدوفي فيئة مهمشة ضعيفة وفقيرة لا تصلها معلومات من مصادر رسمية ولا منافع مادية. فالفجوة العميقة بين المدن الكبيرة وتحديدا العاصمة كيشيناو وبقية المناطق تسهل تسلل الدعاية إلى جمهورية مولدوفا والتلاعب في عقول الناس .
هذه هي الأمور التي يتعين علينا معالجتها في المقام الأول . من جهة أخرى علينا أن نحدد في مفاوضاتنا مع بروكسل التدابير التي يمكن أن تكون لها آثار إيجابية ملموسة على حياة المواطنين كافة مع إعطاء الأولوية لتطبيقها على الأرض لأن الفترة المقبلة ستكون بالغة الصعوبة . فروسيا لن تتوقف واللاعبون السياسيون الذين يؤيدون أجندتها داخل جمهورية مولدوفا لن يكفوا عن استنكار النظام الديمقراطي.”
فوز حزب العمل والتضامن المؤيد لأوروبا في الانتخابات التشريعية كان ضربة استراتيجية قوية جدا لروسيا بحسب روفين زامفير: “كلنا يتذكر مساعي روسيا الشرسة التي حاولت بها تحقيق النصر في جمهورية مولدوفا لتقديمه للشعب الروسي في المقام الأول والترويج له دعائيا . إنها هزيمة موجعة منيت بها روسيا في الانتخابات المولدوفية الأخيرة رغم الجهود غير المسبوقة التي بذلتها لتشويه نتائجها . فإذا بالبنى الرهيبة التي بنتها روسيا من أجل تحقيق النصر في الانتخابات المولدوفية بعون من لاعبين سياسيين محليين ترطدم بالأرض وتتحطم بفضل صمود المواطنين المولدوفيين. ولكن هذه الهزيمة لن تثني عزم روسيا لمواصلة محاولاتها لإبعاد جمهورية مولدوفا عن أوروبا وتأمينها داخل دائرة نفوذها.”
يتوقع المسؤولون السياسيون الديمقراطيون في جمهورية مولدوفا أن تمعل روسيا ومن يؤيد مصالحها على إثارة حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي عبر خلق مشاكل سياسية من الخطورة بحيث تبطئ وتيرة الإصلاحات أو توقفها نهائيا الأمر الذي من شأنه أن يولد لدى المواطنين شعورا بعدم الرضا عن الحكومة لعدم وفائها بالتعهدات التي قطعتها على نفسها بشأن التقارب مع الاتحاد الأوروبي.
هذا ورحبت بروكسل وبوخارست و جميع الحكومات الغربية بتغلب المؤيدين لأوروبا في الانتخابات التشريعية في جمهورية مولدوفا على التشكيلات التي تدعمها روسيا. وفي كييف قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن روسيا فشلت في زعزعة استقرار جمهورية مولدوفا مقدرا بأن النفوذ الروسي التخريبي لن يتمدد إلى أوروبا.