الأمير غريغوري ألكساندرو غيكا – آخر حكام إمارة مولدوفا قبل اتحادها مع إمارة فالاهيا
أعيدت إلى رومانيا رفات الأمير غريغوري ألكساندرو غيكا – آخر حكام إمارة مولدوفا قبل اتحادها بإمارة فالاهيا في مسعى له مغزى رمزي وتاريخي عميق
Diana Baetelu, 20.12.2025, 15:30
عاد إلى رومانيا بعد مائة وثمانية وستين عاما من الغربة رفات غريغوري ألكساندرو غيكا – آخر حكام إمارة مولدوفا قبل اتحادها مع إمارة فلاهيا في عام 1859 تحت مسمى الإمارتين الرومانيتين المتحدتين . إنه مسعى مفعم بالدلالات الرمزية والتاريخية . وقد انطلقت مراسم الإعادة في فرنسا بحفل رسمي استضافته أكاديمية الدرك وشاركت في إقامته السفيرة الرومانية في باريس يوانا بيفولارو التي قالت بتلك المناسبة :
“إعادة رفات الأمير غيكا تمثل دعوة للحفاظ على ذكرى شخصيته البارزة ومساهتمها الهامة في تاريخ رومانيا الحديث. الدولة الرومانية تعتبر إعادة رفات الامير غيكا مبادرة تقوم بها رومانيا من أجل استعادة ذكرى ذلك الأمير الإصلاحي ودوره الأساسي في تحديث رومانيا.”
ويذكر أن الأمير غريغوري ألكساندرو غيكا حكم إمارة مولدوفا في فترتين أولاهما من مايو أيار عام 1849 إلى أكتوبر تشرين الأول عام 1853 والثانية من أكتوبر تشرين الأول عام 1854 إلى الثالث من يونيو حزيران عام 1856.
كان الأمير غيكا نجل أمين الديوان الأميري الإقطاعي الكبير ألكساندرو كونستانتين غيكا المعروف كراعي المسرح في إمارة مولدوفا . درس في ألمانيا وبعد عودته إلى مولدوفا شغل مناصب عليا في القصرالملكي. بعد اعتلائه عرش الإمارة ساهمت إنجازاته في تحديث الإمارتين الرومانيين . وكان من بين أبرز إنجازاته تحرير العبيد الغجر بموجب قانون حظر الاسعباد الذي أصدره في عام 1856 . لنستمع إلى حفيد الأمير ميهاي غيكا: ” في الواقع كان الأمير غيكا أوروبا قبل نشأة أوروبا . قام بتأسيس قوات الدرك والبنك المركزي وحرر العبيد الغجر وألغى الرقابة وهي إنجازات ساهمت في لحاق الإمارة بركب المجتعات الغربية وانتشال رومانيا من حالة التبعية للإمبراطوريتين العثمانية والنمساوية اللتين كانت لهما كلمة الفصل في شؤون الإمارتين .”
أصدر الأمير غريغوري ألكساندرو غيكا قانون إلغاء الرقابة في الرابع والعشرين من فبراير شباط عام 1856 . وأصدر أول قانون للتأسيس قوات الدرك ليصبح بذلك مؤسس الدرك في رومانيا كما أدخل التلغراف إلى الإمارتين الرومانيتين بمساعدة مهندسين فرنسيين. وأصلح الزراعة والعلاقات بين ملاك الأراضي والفلاحين وخفض عدد أيام العمل الإجباري وألغى ضريبة العشر التي كانت مفروضة على الفلاحين كما حظر استخدامهم في أعمال أخرى غير زراعية. عن هذه الإصلاحات تحدث رئيس الجمهورية نيكوشور دان بمناسبة إعادة رفات الأمير إلى الوطن: “نحن هنا بمناسبة إعادة رفات حاكم إمارة مولدوفا غريغوري ألكساندرو غيكا آخر حكامها قبل اتحادها مع فالاهيا في يناير عام 1859. إنها فرصة للتذكير بأن بناء رومانيا الحديثة كان قد بدأ قبل عام 1859 التذكير بالإنجازات الهامة التي بادر بها الأمير أو شارك في تحقيقها ومن بينها إلغاء الرقابة وإنشاء بعض الوحدات الطبية المتخصصة مثل قسم الأمومة وإنشاء مدرسة مهندسي الطرق والبناء بالإضافة إلى إصلاحاته الاجتماعية الجريئة كإلغاء عبودية الغجر. كذلك إنشاء الدرك من أجل الحفاظ على السلم الداخلي ومع ذلك كانت عناصر الدرك مهيأة لخوض معارك كبرى عند الحاجة في وقت كان فيه عمل القوات المسلحة الرومانية مقيدا بحكم التفاهمات بين القوى العظمى. يجب أن نذكر أيضا بالإصلاحات الاجتماعية والشجاعة كخفض الضرائب بما فيها الضرائب الجمركية التي كانت تسمى آنذاك بضرائب تداول السلع وإلغاء العشر ولكن علينا التشديد برأيي على اتحاد عام 1859 لأنه لم يأت من فراغ ولم يكن هدية منحت لرومانيا بل تحقق بفضل بعض السياسيين الذين اجتهدوا في سبيله وكان الأمير غيكا واحدا منهم.”
أصلح غريغوري ألكساندرو غيكا النظام التعليمي مرسيا أسس التعليم الحديث في إمارة مولدوفا. قام بتأسيس مدارس ابتدائية بالإضافة إلى كليتي الحقوق والفلسفة وقام بتطوير التعليم الطبي بإنشاء معهد الأمير غيكا للطب وكلية الجراحة وكلية القابلات ودار رعاية المسنين. كما ساهم في تطوير البنية التحتية والتخطيط العمراني والإدارة وأمر ببناء ثكنة عسكرية بمدينة ياش الرومانية. أيد بقوة والحركة الوحدوية وشارك في المساعي الرامية إلى اتحاد إمارة مولدوفا مع فالاهيا مما أثار حفيظة الباب العالي العثماني.:
فقال حفيد الأمير ميهاي غيكا: “أيد فكرة اتحاد مولدوفا مع فالاهيا التي ورج لها ثوار عام 1848 في كلا الإمارتين. وضع مصالحه الشخصية جانبا وسعى إلى كسب تأييد المثقفين الذين درسوا في برلين وباريس واتخذ من المؤسسات الفرنسية وطريقة تنظيمها مصدر إلهام .
الأمير غريغوري ألكساندرو غيكا آخر حكام مولدوفا يذكره التاريخ كشخصية متألقة في القرن التاسع عشر وقائد وضع الصالح العام فوق أي اعتبارات أخرى . بإعادته الرمزية إلى داره تعرب رومانيا عن احترامها للرجل الذي ساهم برؤيته وشجاعته في قيام الدولة الرومانية الحديثة.