انتشار متزايد لمرض الاكتئاب
بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية يعاني واحد من بين كل ثمانية أشخاص من مرض عقلي مثل القلق والاكتئاب
Diana Baetelu, 16.06.2025, 15:33
اضطراب مزاجي يؤثر على التفكير والذاكرة والانتباه والقدرة على معالجة المعلومات. إنه مرض الاكتئاب .وفيما عدا ذلك يصعب التركيز واتخاذ القرارات وحل المشاكل ويولد الشعور بالذنب . مرض يتطلب تدخل الأخصائيين لمساعدة المصابين به لأنه مرض صامت تبقى علاماته خفية في مراحله الأولى .
بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية يعاني واحد من بين كل ثمانية أشخاص من مرض عقلي مثل القلق والاكتئاب كما أن واحدا من كل سبعة شباب تتراوح أعمارهم ما بين عشرة أعوام وتسعة عشر عاما يعانون من مثل هذه الحالات المرضية في حين أن العديد من الأمراض العقلية لا تشخصن ولا تعالج .
يولاندا كريتسيسكو عالمة النفس والمعالجة النفسية ومؤسسة أول مركز لمكافحة الاكتئاب في رومانيا ورئيسة جمعية “عقول سعيدة ” أوضحت أن مصطلح الاكتئاب يشير إلى حالة مرضية وليس إلى الشعور بالحزن وغياب الحافز أو الإرهاق العاطفي الذي قد نعاني منه في ظل ظروف معينة نمر بها في حياتنا اليومية بشكل مؤقت ولكننا اعتدنا على تسميته عموما باكتئاب : “يعرف الاكتئاب بالضائقة العاطفية والمعرفية والسلوكية التي تستمر لأسبوعين إلى ثلاثة أسابيع على الأقل وتتجلى بشكل متواصل في حياتنا اليومية في الإرهاق وفقدان الشغف للأنشطة التي كنا نستمتع بها ولم نعد نستمتع بها بالإضافة إلى اضطرابات النوم سواء تحدثنا عن قلة النوم أو كثرة النوم فضلا عن اضطرابات الأكل والشعور بالحزن العميق . لكن لا بد من التوضيح أن الإصابة بالاكتئاب غير مرتبطة بوجود محفز ومشغل قد يكون حدثا وقع فعلا أو شيئا آخر مؤثرا. فالاكتئاب يظهر دون سبب .”
إحصائيات المعهد الوطني للصحة العامة في بوخارست تظهر أن ثلاثة أشخاص من بين كل مائة شخص يعانون من اضطرابات عقلية وسلوكية. ولكن سن الإصابة بها تنخفض باستمرار بدليل أن هذه الاضطرابات بدأت تظهر عند أطفال في العاشرة من العمر بحسب يولاندا كريتسيسكو:”للأسف فإن سن الإصابة بالاكتئاب آخذة في الانخفاض .فإذا كان الاكتئاب قبل سنوات قليلة يشخصن للمرة الاولى عند أشخاص لم تقل أعمارهم عن ثمانية عشرعاما إلا أنه أخذ يصيب أشخاصا أقل سنا بكثير. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : هل اكتئاب المراهقين اكتئاب حقيقي وفق المعايير الطبية أم أن هناك عوامل أخرى تتسبب في أعراض شبيهة لأعراض الاكتئاب ؟
من المعروف أن نقص التدريب العاطفي في مرحلة الطفولة بسبب إفراط الوالدين في حماية الطفل يضعف ذكاءه العاطفي ويحرمه من تعلم كيفية مواجهة الفشل أوالإحباط.لذا فذلك الطفل يشعر بالحزن وعدم الراحة العاطفية كلما واجه تحديا اجتماعيا ما. من جانب آخر فإن انتشار التواصل الرقمي أدى إلى انخفاض التفاعلات الاجتماعية الحقيقية وبالتالي إلى الضائقة العاطفية. ويضاف إلى ذلك الإجهاد الدراسي والاجتماعي المتزايد الذي يتولد من مطالبنا وتوقعاتنا المتزايدة من أطفالنا والتي قد تكون غير واقعية لا سيما إذا استمددناها من وسائل التواصل الاجتماعي أو من البيئة المحيطة بمقارنة أطفالنا بآخرين “.
أظهرت دراسة مختصة أجريت على الصعيد الوطني أن واحدا من بين كل أربعة رومانيين قال إنه عانى من الاكتئاب أو القلق في عام 2024 وأن ما يقارب نصف الذين اعترفوا بمعاناتهم من اضطرابات عقلية تقل أعمارهم عن ثلاثين عاما . كما أن واحدا وستين بالمائة ممن عانوا من الاكتئاب أو القلق لم يطلب المساعدة المتخصصة. لماذا يحدث هذا؟ يولاندا كريتيسكو تعتقد أن السبب يكمن في الخوف من الوصمة الاجتماعية:
“رغم أن الناس تعودوا على طلب المساعدة الطبية والعلاج أثناء جائحة كورونا وتعلموا الفرق بين الطبيب النفسي ومستشفى الأمراض العقلية من جهة والعلاج النفسي والتدريب العاطفي عبر الإنترنت أو بالحضور الشخصي اللذين يساعدان الأشخاص الذين يمرون بمعاناة عاطفية من جهة أخرى إلا أن الخوف من الوصمة الاجتماعية لا يزال قائما. أما السبب الثاني فهو الصعوبات المالية التي تحول دون الوصول إلى أطباء ومعالجين متخصصين.”
أشارت عالمة النفس يولاندا كريستيسكو أيضا إلى برامج وقاية الأطفال من الاكتئاب : “كلنا يعلم أن الوقاية خير من العلاج .ورغم أن بعض الأطفال يتمتعون بالحماية اللازمة والمساعدة المتخصصة عند الحاجة إلا أنه في بعض الأحيان يكون الوصول إلى الأطباء والمعالجين المتخصصين صعبا بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية وحتى بسبب خوف الآباء من الوصمة الاجماعية . فالآباء الذين يعاني أطفالهم من اضطرابات عاطفية قد يلومون أنفسهم ويقولون إنهم آباء فاشلون أخفقوا في أداء واجباتهم الأبوية أو يفضلون إنكار الواقع ويقللون من شأن تأثير البيئة المحيطة على أطفالهم. “
توجد في رومانيا جهات مختصة تعنى بمساعدة الأطفال الذين يعانون من اضطرابات عاطفية دون ما حاجة إلى موافقة الآباء ومن بينها المديرية العامة للرعاية الاجتماعية وحماية الطفل ومحامي الطفل والمرشدون المدرسيون فضلا عن أرقام الهواتف المخصصة للأطفال والمدرسين من أجل الاتصال بالجهات المعنية عند الحاجة .