X

جامع القطع الأثرية جورجي سيفريانو

في أحد الأحياء القديمة الأنيقة في وسط بوخارست وعلى مقربة من شارع فيكتوريا الرئيسي يقع البيت الذي سكن فيه في مطلع القرن العشرين الطبيب جورجي سيفريانو وهو اليوم بيت تذكاري تابع لمتحف مدينة بوخارست. للأمر دلالاته إذ إن الطبيب سيفريانو كان أول مدير لمتحف مدينة بوخارست وأحد أبرز جامعي القطع الأثرية في العقود الأولى من القرن العشرين . ولد جورج سيفريانو في عام 1879 لأب كان هو الآخر طبيبا مشهورا و غرس في قلب انبه الرغبة في احتضان مهنة الطب والاهتمام بدراسة التاريخ والسفر .


عن الرحلات التي قام بها الطبيب جورجي سيفريانو يحدثنا دان بارفوليسكو مسؤول بيت سيفريانو التذكاري :”رحلات والده خارج رومانيا غرست في قلبه هواية السفر فضلا عن الاهتمام بدراسة التاريخ وزيارة المتاحف حيث تجدر الإشارة إلى أن نهاية القرن التاسع عشر شهدت تنامي اهتمام الرومانيين ميسوري الحال بالسفر إلى دول أوروبية أخرى للسياحة أو الدراسة . فقد أكمل جورجي دراسته في برلين وفيينا حيث تعرف على العديد من هواة جمع القطع الأثرية والفنية في وقت شهدت فيه البلدان الأوروبية بما فيها رومانيا انتشارا واسعا لهذه الهواية . ولدى عودته إلى رومانيا بدأ جورجي بجمع مختلف القطع الآثرية وفي الوقت نفسه مارس مهنته الأساسية كطبيب في أحد مستشفيات بوخارست وأيضا كمردس في كلية الطب ومؤلف كتب ومقالات علمية “.


العديد من القطع الأثرية التي تكون مجموعة سيفريانو تعود إلى العصرين الإغريقي والروماني القدمين وعثر عليها في رومانيا وخاصة في منطقة دوبروجيا وأيضا في دول البحر المتوسط ​ .بالإضافة إلى ذلك تحتوي مجموعة سيفريانو على قطع قديمة جدا أثارت دهشة علماء الآثار كونها تعود إلى العصور ما قبل التاريخ وتشكل مصادر معلومات قيمة لعلماء الآثار.


كان الدكتور سيفريانو مولعا بعلم المسكوكات وجعل من جمع العملات القديمة هوياته الرئيسية :”تشغل النقود القديمة حيزا كبيرا من مجموعة الدكتور سيفيريانو الأثرية إذ جمع نحو تسعة آلاف منها وتبرع بها للمتحف كما فعل بسائر مجموعاته في نهاية المطاف . نجد في تلك المجموعات نقودا معدنية إغريقية ورومانية وأخرى عائدة إلى القرون الوسطى وهذه الأخيرة فاجأت علماء الآثار بما كشفت عنه من معلومات تاريخية قيمة .وبهذا الصدد تجدر الإشارة إلى النقود العائدة إلى عهد الأمير رادو الأول حاكم إمارة فالاهيا الرومانية في النصف الثاني من القرن الرابع عشر والتي تضعنا في صورة الاقتصاد والتجارة وتداول العملات في تلك الفترة وهي في الحقيقة حقبة لا يعرف عنها الكثير.”


أهمية مجموعات سيفريانو كانت أحد الدوافع وراء تعيينه مديرا لمتحف تاريخ العاصمة عقب تأسيسه في الفترة ما بين الحربين العالميتين :”كان تأسيس متحف تاريخ العاصمة إحدى أمنيات البلدية لكن الفكرة لم تتحول إلى واقع ملموس إلا بعد أكثر عشر سنوات على طرحها في عام 1921. والجدير بالذكر أن مجموعة سيفريانو كانت النواة الرئيسية لمعروضات المتحف قبل أن تكتمل بما تبرع به هواة الجمع من القطع الآثرية بمختلف أنواعها وأيضا بما تم العثور عليه أثناء البحوث الميدانية التي كانت تجري في محيط العاصمة .”


بعد تولي الشيوعيين السلطة تم تأميم منزل الطبيب سيفريانو وتحويله إلى مقر إقامة لكبار مسؤولي الحزب الشيوعي .. دان بارفوليسكو مرة أخرى :” كان الدكتور سيفريانو قد توفي منذ عام 1939 وبقيت زوجته في البيت إلى حين تأميمه من قبل السلطات الشيوعية وتحويله إلى مقر إقامة لمسوؤلين حزبيين رفيعي المستوى . وفي غضون ذلك تم نقل مجموعات الطبيب سيفريانو إلى باريس حيث نقل الجزء الأكبر منها فيما نقلت مجموعات أخرى إلى بلجيكا. للأسف فقدت آنذاك وثائق كثيرة من أرشيف المنزل والمتحف ولا تزال مفقودة إلى اليوم لذا فنعكف حاليا على إعداد دراسة حول عائلة سيفريانو لأنها تستحق ذلك عن جدارة . في عام 1956 افتتح المتحف في بيت عائلة يفريانو كمتحف لعلم المسكوكات لكنه احتوى أيضا على المجموعات الأخرى من الأواني الإغريقية الرومانية وسائر القطع الأثرية . “


متحف بيت عائلة سيفريانو التذكاري والذي أعيد افتتاحه في عام 2017 بعد ترميمه يعرض مجموعات الدكتور سيفريانو بطريقة تفاعلية جذابة .

X

Headline

You can control the ways in which we improve and personalize your experience. Please choose whether you wish to allow the following:

Privacy Settings